إنك من الملوك. وفي كل هذا وجاهة وسداد.
ولقد وقفوا عند كلمة (الْمُقَدَّسَةَ) فرووا عن أهل التأويل أنها بمعنى المباركة أو المطهرة من الشرك أو أن الله قدّسها وباركها لأن حكمته شاءت أن تكون مهبط وحيه ومخرج أنبيائه. وأنها جميع بلاد الشام أو منطقة الطور. أو فلسطين والأردن.
وتأويل المقدسة بالمباركة متسق مع نصوص القرآن حيث جاء في آية سورة الأعراف [١٣٧] جملة (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها) وفي الآية الأولى من سورة الإسراء (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) وفي آية سورة الأنبياء [٧١](وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها). ونصّ آية الإسراء بخاصة يفيد أن المقصود هو أرض فلسطين التي كان المسجد الأقصى فيها كما هو المتبادر .. ولقد نعتت هذه الأرض في الأسفار المتداولة بأرض كنعان نسبة إلى القوم الذين كانوا يعمرونها كما جاء ذلك في الإصحاح (١٢) من سفر التكوين في سياق ذكر هجرة إبراهيم وامرأته ولوط ابن أخيه. ثم ذكرت بهذا النعت مرارا في هذا السفر وفي الأسفار الأخرى ، وفي سفر التكوين خبر تجلّي الله لإبراهيم ووعده له بأن تكون هذه الأرض ثم بلاد أخرى بعدها لنسله. ثم تجلّي الله لإسحاق ويعقوب وتوكيد وعده لهما. ويتخذ اليهود عبارات أسفارهم سندا لدعواهم في ملك فلسطين وما حولها شمالا وشرقا وجنوبا حتى تصل هذه الدعوى من (النيل إلى الفرات) أبديا ويتخذون عبارات القرآن وبخاصة في هذه الآيات وآية الأعراف [١٣٧] وسيلة إلى إقناع المسلمين بذلك.
والأسفار التي يستندون إليها كتبت متأخرة عن موسى فضلا عن إبراهيم وإسحاق ويعقوب الذين سبقوا موسى بمئات السنين وتأثرت بالأحداث التي جرت لبني إسرائيل والتي تملّكوا نتيجة لها أرض كنعان وبعض أنحاء مما جاورها شرقا