وشمالا على ما ذكرناه في سياق تعليقنا على كلمة التوراة في سورة الأعراف. ولم تخلص لهم قط. وظل سكانها الأولون يسكنون معهم ثم بعد تشردوا عنها عن أنحاء الأرض كما هو مسجّل في أسفارهم. بحيث يصحّ القول بجزم إن تلك الدعوى لم تتحقق لهم في أي وقت ليكون لهم حقّ استئنافها. فضلا عن أن ذلك التملك كان بالقوة وإراقة الدماء ونهب الأموال ولا يمكن أن يكون العدوان مانحا لأي حق. وهذا إذا قصر الكلام على وجهة نظرهم. وبالنسبة للنصوص القرآنية فإن وجهة نظر المؤولين والمفسرين هي أن ما ورد في الآيات التي نحن في صددها وفي آية الأعراف لا يفيد تأبيدا ولا استمرارا وأنه بمثابة إيذان لموقف رباني إزاءهم مقابل موقف لهم. وبالنسبة لما مضى من الزمن والظروف وحسب. وقد تغير موقفهم بموقف الله منهم كما حكت ذلك آيات كثيرة على ما ذكرناه في تعليقنا على آية سورة الأعراف المذكورة ونصّ هذه الآية يفيد أن الله أورثهم الأرض بما صبروا. ولقد حكت أسفارهم إنذارات ربانية رهيبة لهم إذا انحرفوا عن حدود الله بالتدمير والتحطيم وسلب كل ما منحهم وتشتيتهم في الأرض وتسليط الأمم والطبيعة عليهم. ولقد انحرفوا عن وصايا الله وحدوده. على ما ذكرته آيات القرآن وأسفارهم معا (١) ففقدوا منحة الله وذلك السند القرآني. وحق عليهم الشتات والدمار والذلة والمسكنة وتسليط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة مما سجلته آيات القرآن وأسفارهم معا وشرحناه في تعليقنا على آية الأعراف المذكورة بما يغني عن التكرار إلا أن نقول إن عبارات الآيات هنا هي حكاية لقصة وردت في الأسفار المتداولة في أيدي اليهود. بقصد العبرة والموعظة (٢). وأن من الواجب على المسلمين أن ينتبهوا إلى تضليل اليهود ودعاياتهم الكاذبة ويحذروها
__________________
(١) انظر الإصحاح ٢٦ من سفر الأحبار واقرأ أسفار القضاة والملوك وأخبار الأيام وارميا وحزقيال وانظر كتابنا تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم وبخاصة ص ٨٢ ـ ٩٥ و ١٣٥ ـ ١٩٥ و ٢٧٢ ـ ٣١٧ وآيات البقرة [٤٠ ـ ١٤٦] وآل عمران [٧١ ـ ١٢٠] والنساء [٤٣ ـ ٥٦] والأعراف [١٦٢ ـ ١٦٩].
(٢) انظر الإصحاحات ١٤ و ١٥ من سفر العدد.