( يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) (١٠٥)
دلّت الآية الكريمة على أنّ النوع الإنساني نوعان : شقي وسعيد ، فالشقي مآله جهنّم ـ أعاذنا الله منها ـ ، والسعيد مآله إلى الفردوس الأعلى ، ويقول الرواة : إنّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكت في الأرض ، ويقول :
« ما منكم أحد إلاّ كتب مقعده من الجنّة أو من النّار ».
فقال قوم : ألا نتّكل؟
قال : « اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له » ، وقرأ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ... ) (١). (٢)
وعرض العلاّمة الطباطبائي في تفسيره الميزان إلى إيضاح هذا الحديث ، وملخّص ما أفاده أنّ القوم الذين اعترضوا على الإمام في مقالته ، قد توهّموا أنّ الجنّة قد قررت وكتبت لبعض الناس ، وكذلك النار وعليه فلا داعي لعمل المقدّمات التي توصل ذلك بعد أن كانت قد كتبت الجنة والنار للفريقين ، كما توهّموا أنّ المقدّمات الموصلة للجنة والنار واقعة تحت القضاء ومكتوبة ، فلا يبقى للاختيار معنى ولا للاكتساب مجال. وقد أجاب الإمام عليهالسلام عن سؤالهم عن الجهة الاولى بقوله :
« كلّ ميسّر لما خلق له » ، وهو مأخوذ من قوله تعالى في صفة خلق الإنسان ( ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ) (٣) ، أي إنّ كلاّ من أهل الجنة التي خلقها الله لهم وكذلك أهل
__________________
(١) الليل : ٥.
(٢) الميزان ١١ : ٣٦ ، نقلا عن صحيح الترمذي.
(٣) عبس : ٢٠.