الثالثة : وهى التى تتصل بإحلال كلمة مكان كلمة ، أو تقديم كلمة على كلمة ، أو زيادة أو نقصان.
وما أظن هذه يعتد بها بعد أن أصبح فى أيدينا المصحف الإمام ، هيأه لنا عثمان فى الأولى ، وزفّه إلينا الحجاج فى الثانية ، وما كان هذان العملان إلا خطوتين : خطوة تدعم خطوة في سبيل الوحدة الكاملة لكتاب الله ، كما حفظه الله على لسان الحفظة من الصحابة والتابعين.
* * *
(٦٦) القراء :
ولقد كانت كتابة المصحف بلغة قريش ، أو بحرف قريش ، بذلك أمر عثمان زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث ابن هشام ، وهم ينسخون المصاحف ، وقال لهم : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فى شىء فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم.
وأرسل عثمان المصاحف إلى الأمصار ، وأخذ كل أهل مصر يقرءون بما فى مصحفهم ، يتلقون ما فيه عن الصحابة الذين تلقوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قاموا بذلك مقام الصحابة الذين تلقوه عن النبى صلىاللهعليهوسلم ، فكان بالمدينة نفر ، منهم : ابن المسيب ، ومعاذ بن الحارث ، وشهاب الزهرى ، وكان بمكة نفر ، منهم : عطاء ، وطاوس ، وعكرمة. وبالكوفة نفر ، منهم : علقمة والشعبى ، وسعيد بن جبير. وبالبصرة نفر ، منهم : الحسن ، وابن سيرين ، وقتادة. وبالشام نفر ، منهم : المغيرة بن أبى شهاب المخزومى ، صاحب عثمان بن عفان.
ثم تجرد قوم للقراءة واعتنوا بضبطها أتم عناية حتى صاروا فى ذلك أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم ويؤخذ عنهم ، وأجمع أهل بلدهم على تلقى قراءتهم بالقبول ، ولم يختلف عليهم فيها اثنان ، ولتصديهم للقراءة نسبت إليهم.