وهذا القسم لا يختلف حكمه ولا يلتبس تأويله ، فكل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) محمد : ١٩ ، وأنه لا شريك له فى الهيئة ، وإن لم يعلم أن «لا» موضوعة فى اللغة للنفى ، و «إلا» للإثبات ، وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر.
٣ ـ ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، وهو ما يجرى مجرى الغيوب ، نحو الآى المتضمنة قيام الساعة ونزول الغيث ، وما فى الأرحام ، وتفسير الروح.
وكل متشابه فى القرآن لا مساغ للاجتهاد فى تفسيره ، ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف من أحد ثلاثة أوجه :
(أ) نص من التنزيل.
(ب) بيان من النبى صلىاللهعليهوسلم.
(ج) إجماع الأمة على تأويله.
٤ ـ ما يرجع إلى اجتهاد العلماء ، وهو الذى يغلب عليه إطلاق التأويل ، وهو صرف اللفظ إلى ما يؤول إليه ، فالمفسر ناقل ، والمؤول مستنبط.
فكل لفظ احتمل معنيين فأكثر لم يجز لغير العلماء الاجتهاد فيه ، وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل ، وليس لهم أن يعتمدوا مجرد رأيهم فيه.
* * *
(٣٥) التقديم والتأخير :
وهو تقديم ما رتبته التأخير ، كالمفعول ، وتأخير ما رتبته التقديم كالفاعل ، نقل كل واحد منهما عن رتبته وحقه ، وله أسباب ، منها :
١ ـ أن يكون فى التأخير إخلال ببيان المعنى ، ومنه قوله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) غافر : ٢٨ ، فإنه لو أخر (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) فلا يفهم أنه منهم.
٢ ـ أن يكون فى التأخير إخلال بالتناسب ، فيقدم لمشاكلة الكلام ولرعاية الفاصلة ، كقوله تعالى : (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فصلت :