فى تارات التكرير ، فيجد البليغ ، لما فيها من التغيير ، ميلا إلى سماعها ، لما جبلت عليه النفوس من حب التنقل فى الأشياء المتجددة التى لكل منها حصة من الالتذاذ به مستأنفة.
(١٢) ظهور الأمر العجيب من إخراج صور متباينة فى النظم بمعنى واحد ، وقد كان المشركون فى عصر النبى صلىاللهعليهوسلم يعجبون من اتساع الأمر فى تكرار هذه القصص والأنباء مع تغاير أنواع النظم وبيان وجوه التأليف ، فعرفهم الله سبحانه وتعالى أن الأمر بما يتعجبون منه مردود إلى قدرة من لا تلحقه نهاية ، ولا يقع على كلامه مدد ، لقوله تعالى : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) الكهف : ١٠٩.
(١٣) إن سوق قصة يوسف عليهالسلام مساقا واحدا فى موضع واحد ، دون غيرها من القصص ، فيه غير ما ذكر قبل وجوه ، وهى :
أ ـ إن ما فيها من تشبيب النسوة به ، وتضمن الأخبار عن حال امرأة ونسوة افتتن بأبدع الناس جمالا وأرقهم مثالا ، ناسب عدم تكرارها لما فيها من الإغضاء والستر عن ذلك ، وثمة حديث مرفوع فى مستدرك الحاكم ، جاء فيه النهى عن تعليم النساء سورة يوسف.
ب ـ إنها اختصت بحصول الفرج بعد الشدة ، بخلاف غيرها من القصص ، فإن مثالها إلى الوبال ، كقصة إبليس وقوم نوح وقوم هود وقوم صالح وغيرهم ، بذلك اتفقت الدواعى على نقلها لخروجها عن سمت القصص.
ج ـ كرر الله تعالى قصص الأنبياء وساق قصة يوسف مساقا واحدا إشارة إلى عجز العرب ، كأن النبى صلىاللهعليهوسلم قال لهم : إن كان من تلقاء نفسى تصويره على للفصاحة فافعلوا فى قصة يوسف ما فعلت فى قصص سائر الأنبياء.