بكثير ، هذا ولم يكن قد مضى على كتابة عثمان لمصحفه الإمام ، وإرساله إلى الأمصار ، ما يزيد على سنين سبع.
والجديد الذى أحب أن أسوقه هنا نقلا عمن نظروا فى نشأة الخط العربى أن العرب كانوا قبيل الإسلام يكتبون بالخط الحيرى ـ نسبة إلى الحيرة ـ ثم سمى هذا الخط بعد الإسلام بالخط الكوفى.
وهذا الخط الكوفى فرع ـ كما يقولون ـ من الخط السريانى» وأنه على الأخص طور من أطوار قلم للسريان ، كانوا يسمونه : السطرنجيل ، وكان السريان يكتبون به الكتاب المقدس ، وعن السريان انتقل إلى العرب قبل الإسلام ، ثم كان منه الخط الكوفى ، كما ذكرت لك.
ولقد كان للعرب إلى جانب هذا القلم الكوفى قلم نبطى ، انتقل إليهم من حوران مع رحلاتهم إلى الشام ، وعاش العرب ولهم هذان القلمان : الكوفى والنبطى ، يستخدمون الكوفى لكتابة القرآن ، ويستخدمون النبطى فى شئون أخرى.
وبالخط الكوفى كان كتب المصاحف ، غير أنه كان أشكالا ، واستمر ذلك إلى القرن الخامس تقريبا ، ثم ظهر الخط الثلث ، وعاش من القرن الخامس إلى ما يقرب من القرن التاسع ، إلى أن ظهر القلم النسخ ، الذى هو أساس الخط العربى إلى اليوم.
فلقد كتب القرآن بالكوفى أيام الخلفاء الراشدين ، ثم أيام بنى أمية. وفى أيام بنى أمية صار هذا الخط الكوفى إلى أقلام أربعة. ويعزون هذا الشكل فى الأقلام إلى كاتب اسمه قطبة ، وكان كاتب أهل زمانه ، وكان يكتب لبنى أمية المصاحف.
وفى أوائل الدولة العباسية ظهر الضحاك بن عجلان ، ومن بعده إسحاق بن حماد ، فإذا هما يزيدان على قطبة ، وإذا الأقلام العربية تبلغ اثنى عشر قلما : قلم