يتقاربان فنهاية أحدهما الفرماءان (١) ونهاية الآخر القلزم وبينهما من المسافة قدر.
فصل من الكلام في أن الله تعالى لا يجوز أن يكون له مكان
اعلم أيدك الله أن المكان عندنا هو ما أحاط بالمتمكن فلما كان الله تعالى لا يجوز عليه ذلك لأنه يقتضي حصره وتناهيه علم أنه لا يجوز أن يكون في مكان.
ومن خالفنا في حد المكان قال إنه ما تمكن عليه وتصرف فيه وهذا لا يجوز أيضا على الله تعالى لأن المتمكن معتمد ومماس أيضا لمكانه والاعتماد والمماسة من صفات المحدثين والله تعالى قديم فعلم أنه لا يكون في مكان.
وذو المكان أيضا قد حصل له حيز فصار في جهة دون جهة ولا يكون كذلك إلا جسم أو بعض جسم وقد ثبت أن الله تعالى ليس بجسم ولا بعض جسم فعلم بطلان المكان.
ثم إنه لو كان له مكان لم يخل مكانه من حالين إما أن يكون قديما أو محدثا.
ولا يصح أن يكون قديما لمشاركته لله تعالى في القدم وقد ثبت أنه لا قديم إلا هو وحده.
ولو كان المكان محدثا لكان الله سبحانه قبل إحداثه لا يخلو من قسمين إما أن يكون محتاجا إلى المكان أو مستغنيا عنه.
ولا يجوز أن يكون لم يزل محتاجا إليه لما في ذلك من صفة النقص الذي لا يكون للقديم.
وإن كان غنيا عنه قبل وجوده فلا يجوز أن يحتاج إليه بعد ذلك لأن حاجته تخرجه عن قدمه وتشابه بينه وبين خلقه فوجب نفي المكان عنه.
__________________
(١) هكذا في النسخة.