في الذاهبين الأولين |
|
من القرون لنا بصائر |
لما رأيت مواردا |
|
للموت ليس لها مصادر |
ورأيت قومي نحوها |
|
يسعى الأصاغر والأكابر |
لا يرجع الماضي ولا |
|
يبقى من الباقين غابر |
أيقنت أني لا محالة |
|
حيث صار القوم صائر (١) |
وروي أن رجلا حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في حديثه.
خرجت في طلب بعير لي ضل فوجدته في ظل شجرة ينهش من ورقها فدنوت منه فزممته واستويت على كورة ثم اقتحمت واديا فإذا أنا بعين خرارة وروضة مدهامة وشجرة عادية وإذا أنا بقس قائما بين قبرين قد اتخذ له بينهما مسجدا قال فلما انفتل من صلاته قلت له ما هذان القبران فقال هذان قبرا أخوين كانا يعبدان الله عزوجل معي في هذا المكان فأنا أعبد الله بينهما إلى أن ألحق بهما.
قال ثم التفت إلى القبرين فجعل يبكي وهو يقول :
خليلي هبا طال ما قد رقدتما |
|
أجدكما أم تقضيان كراكما |
أرى خللا في العظم والجلد منكما |
|
كأن الذي يسقى العقار سقاكما |
ألم تعلما أني بسمعان مفرد |
|
وما لي بسمعان حبيب سواكما |
مقيم على قبريكما لست بارحا |
|
طوال الليالي أو يجيب صداكما |
فلو جعلت نفس لنفس فداءها |
|
لجدت بنفسي أن أكون فداكما (٢) |
__________________
(١) خطبة قس وشعره هذا رواه الجاحظ في البيان والنبيين ج ١ صلى الله عليه وسلم ٢٤٧ ـ ٢٤٨ والمفيد في الأمالي (المجالس) صلى الله عليه وسلم ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٢) تجد هذا الخبر في المجالس للمفيد صلى الله عليه وسلم ٢٠٢ ـ ٢٠٣ مختصرا. وفي سيرة ابن هشام ج ١ صلى الله عليه وسلم ١٣.