وما معنى قول يعقوب عليهم السلام فصبر جميل وكيف وصفه بذلك ونحن نعلم أن صبره لا يكون إلا جميلا؟؟
الجواب :
قيل له أما كذب فمعناه في هذا الموضع مكذوب فيه وعليه مثل قولهم هذا ماء سكب وشراب صب يريدون مسكوبا ومصبوبا.
وكقولهم رجل صوم وامرأة نوح والمعنى صائم ونائحة قال الشاعر:
فظل جيادهم نوحا عليهم |
|
مقلدة أعنتها صفوفا |
أراد نائحة ويقولون أيضا ما لفلان معقول يريدون عقلا قال الشاعر :
حتى إذا لم يتركوا لعظامه |
|
لحما ولا لفؤاده معقولا |
وقد قال الفراء وغيره يجوز في النحو بدم كذبا بالنصب على المصدر وتقدير الكلام كذبوا كذبا.
وإنما كان دما مكذوبا فيه لأن إخوة يوسف عليهم السلام ذبحوا سخلة ولطخوا قميص يوسف بدمها وجاءوا أباهم بالقميص وادعوا أكل الذئب له فقال لهم يعقوب عليهم السلام يا بني لقد كان هذا الذئب رفيقا حين أكل ابني ولم يخرق قميصه وعند ذلك قالوا بل قتله اللصوص فقال فكيف قتلوه وتركوا قميصه وهم إلى قميصه أحوج منهم إلى قتله.
وقد قيل إنه كان في قميص يوسف ثلاث آيات :
إحداهن حين جاءوا إليه بدم كذب فتبينه أبوه على أن الذئب لو أكله لخرق قميصه.
والثانية حيث قد قميصه من دبر.
والثالثة حين ألقي على وجه أبيه (فَارْتَدَّ بَصِيراً).
وأما وصف الصبر بأنه جميل فلأن الصبر قد يكون جميلا وغير جميل وإنما