(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (١)
إذا كان معبودهم معهم في النار فقد عبدوا المسيح عليهم السلام أفنقول إنه في النار؟
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أنزل القرآن علي بكلام العرب والمتعارف في لغتها وعند العرب أن ما لما لا يعقل ومن لمن يعقل والذي يصلح لهما جميعا فإن كنتم من العرب فأنتم تعلمون هذا قال الله تعالى (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) يريد الأصنام التي عبدوها وهي لا تعقل والمسيح عليهم السلام لا يدخل في جملتها لأنه يعقل.
ولو قال إنكم ومن تعبدون لدخل المسيح عليهم السلام في الجملة فقال القوم صدقت يا رسول الله (٢).
وفي هذا الخبر دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحاج ويناظر ويعارض ويفصل ويوضح الجواب لسائله ويثبت الحجة على خصمه ولا يدعو إلى التقليد بل يوضح التقليد بإقامة الدليل.
فإن قال قائل إذا كان الذين عبدوا الأصنام في شركهم وكفرهم فلأي وجه تكون الأصنام في النار معهم وهي لم تكفر ولا يصح أن يعذب أيضا ما ليس بحي.
قلنا إن المراد بذلك أن يرى العابدون لها أنها لم تغن عنهم شيئا وأنها بحيث هم لا تدفع عن أنفسها لو كانت حية قادرة ولا عنهم.
وعلى هذا المعنى يتأول قوله سبحانه :
(وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ)
بأنها الحجارة التي عبدوها وهي الأصنام قال الله تعالى حكاية عن أهل النار :
__________________ (١) سورة الأنبياء : ٩٨.
(٢) طريقة هذا الحديث في المحاورة وأسلوبها تبعد جدا أن يكون من حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) بل هو بكلام بعض علماء المسلمين أشبه.