اعلم أنهم سئلوا عن مسألة حيرتهم وأظهرت عجزهم وأخرستهم فقيل لهم إذا كان سائر ما في العالم من النفع والضرر والخير والشر وجميع أفعال الخلق والشمس والقمر والنجوم واجبة وهي علته وسببه وليس داخل الفلك غير ما أثرت ولا فعل لأحد يخرج به عما أوجبت فما الحاجة إلى الاطلاع على الأحكام وأخذ الطوالع عند المواليد وعمل الزوائج وتحويل السنين.
قالوا الحاجة إلى ذلك حصول العلم بما سيكون من حوادث السعود والنحوس.
قيل لهم وما المنفعة بحصول هذا العلم فإن الإنسان لا يقدر أن يزيد فيه سعدا ولا ينقص منه نحسا مما أوجبه مولده فهو كائن لا مغير له.
فمنهم من استمر على طريقه وبنى على أصله فقال ليس في ذلك أكثر من فضيلة العلم بالحادثات قبل كونها.
فقيل له ما هذه الفضيلة المدعاة في علم لا ينال به مكتسبه نفعا ولا يدفع به عن نفسه ولا عن غيره ضرا وما هذا العناء في اكتساب ما لا ثمر له والجاهل به كالعالم في عدم المنفعة منه.
وسئلوا أيضا عن هذا الاكتساب وسببه وهل الفلك موجبة أو غير موجبة؟
فلم يرد منهم ما يتشبث العاقل به.
ومنهم من تعذر عليه عند توجه الإلزام فأنزله الإحجام درجة عن قول أصحاب الأحكام فقال بل للعلم تأثير في اكتساب نفع كثير وهو أن يتعجل الإنسان بالسعادة ويتأهب لها فيكون في ذلك مادة فيها ويتحرز عن النحاسة ويتوقاها فيكون بذلك دفعا لها أو نقصا منها.
فقيل له ما الفرق بينك وبين من عكس عليك قولك فقال بل المضرة باكتساب هذا العلم حاصلة والأذية إلى معتقده واصلة وذلك أن متوقع السعادة والمساءة معه قلق المتوقع وحرقة الانتظار ففكره منقسم وقلبه