الحكم (٢) أنه كان يقول إن معبوده جسم على صفة الأجسام فكيف خالفتموه في ذلك بل كيف لم تتبرءوا منه وهو على هذا المقال؟
قلنا أما هشام بن الحكم (٢) رحمة الله عليه فقد اشتهر عنه الخبر بأنه كان ينصر التجسيم ويقول إن الله تعالى جسم لا كالأجسام ولم يصح عنه ما قرفوه به من القول بأنه مماثل لها.
ويدل على ذلك أنا رأينا خصومه يلزمونه على قوله بأن فاعل الأجسام جسم أن يكون طويلا عريضا عميقا فلو كان يرى أنه مماثل للأجسام لم يكن معنى لهذا الإلزام.
فأما مخالفتنا لهذا المقام فهو اتباع لما ثبت من الحق بواضح البرهان وانصراف عنه.
وأما موالاتنا هشاما رحمهالله فهي لما شاع عنه واستفاض منه من تركه للقول بالجسم الذي كان ينصره ورجوعه عنه وإقراره بخطئه وتوبته منه وذلك حين قصد الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام إلى المدينة فحجبه وقيل له إنه آلى أن لا يوصلك إليه ما دمت قائلا بالجسم فقال والله ما قلت به إلا لأني ظننت أنه وفاق لقول إمامي فأما إذا أنكره علي فإنني تائب إلى الله منه فأوصله الإمام عليهم السلام إليه ودعا له بخير.
وحفظ عن الصادق عليهم السلام أنه قال لهشام إن الله تعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء وكلما وقع في الوهم فهو بخلافه. (٢)
وروي عنه أيضا أنه قال :
سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) لا يحد ولا يحس و (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ولا يحيط به شيء ولا هو جسم ولا صورة ولا بذي تخطيط ولا تحديد (٣)
__________________
(١) وضعنا كتابا خاصا باسم (هشام بن الحكم) أتينا فيه على حياة هشام وآرائه وأفكاره ، كما عرضنا له بالدراسة في كتابنا (فلاسفة الشيعة).
(٢) رواه المفيد في الإرشاد صلى الله عليه وسلم ٢٥٩.
(٣) رواه الصدوق في كتاب التوحيد صلى الله عليه وسلم ٨٥ باختلاف يسير.