(يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى).
وقول إسماعيل له (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) الصافات : ١٠٢
بل حال أمير المؤمنين عليهم السلام أعظم وتكليفه أشق وأصعب لأن إسماعيل أسلم لهلاك يناله بيد أبيه وأمير المؤمنين عليهم السلام أسلم لهلاك يناله بيد أعدائه فأجابه صلى الله عليهما إلى مراده وسارع إلى إيثاره بنفس طيبة ونية صادقة واضطجع على فراشه ولا يشك إلا أنه مقتول في ليلته قد فداه بنفسه وجاد دونه بمهجته وفي مبيته على الفراش أنزل الله تعالى على نبيه (١)
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (البقرة : ٢٠٧.
فأين هذا من حزن أبي بكر وفرقه وخوفه وقلقه وتوجه النهي إليه وتعريه من السكينة التي خص الله سبحانه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أترى لو قيل له وهو على ما يدعي له من صحة العقيدة في الإسلام أتحب لو كنت البائت على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم والواقي له بنفسه والذي أنزل فيه (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) ولم تكن حزنت في الغار وتوجه إليك النهي من النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت السكينة عليه دونك لم يشرك فيها بينك وبينه أكان يقول لا حاجة بي إلى فضيلة الفراش أم يقول بودي ذلك.
ولسنا نشك أنه لو قيل لأمير المؤمنين عليهم السلام أتحب لو كنت بدلا من نومك على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصول فضيلته لك ونزول القرآن بمدحك بمكان
__________________
(١) وهو المروي عن السدي عن ابن عبّاس انظر : مجمع البيان م ١ صلى الله عليه وسلم ٣٠١.
وفي الجزء الثاني من دلائل الصدق للشيخ المظفر : إن الذين نقلوا نزول هذه الآية بعلي ، هم الرازيّ والثعلبي وصاحب ينابيع المودة وأبو السعادات في فضائل العترة الطاهرة ، والغزالي في الإحياء ، والحاكم في المستدرك ، وأحمد بن حنبل في المسند انظر : التفسير الكاشف م ١ صلى الله عليه وسلم ٣١١.