وقال غيره من الجاهلية :
خالي بنو أنس وخال سراتهم |
|
أوس فأيهما أدق وألأم |
يريد فأيهما الدقيق واللئيم وليس المعنى فيه أن الدقة واللؤم قد اشتملا عليهما ثم زاد أحدهما على صاحبه فيهما.
وعلى هذا المعنى فسر عثمان بن الجني (١) قول المتنبئ :
أعق خليليه الصفيين لائمه.
وأنهما لم يشتركا في العقوق ثم زاد أحدهما على الآخر صاحبه فيه مع كونهما خليلين صفيين.
وإنما المراد أن الذي يستحيل منهما عن الصفا فيصير عاقا لائمه. (٢)
والشواهد في ذلك كثيرة وفيما أوردته منها كفاية في إبطال ما ألزمت ودلالة على أن الشيعة في قولها إن أمير المؤمنين عليهم السلام أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان لم تناقض لها مذهبا ولا خالفت معتقدا وإن المراد بذلك أنه الفاضل دونهم والمختص بهذا الوصف عنهم فتأمل ذلك تجده صحيحا والحمد لله.
على أن من الشيعة من امتنع من إطلاق هذا المقال عند تحقيق الكلام ويقول في الجملة إنه عليهم السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الناس فسؤالك ساقط عنه إذ كان لا يلفظ بما ذكرته إلا على المجاز.
فلما سمع السائل الجواب اعترف بأنه الصواب ولم يزد حرفا في هذا الباب والحمد لله على خيرته من خلقه سيدنا محمد رسوله وآله الطيبين الطاهرين وسلامه وبركاته.
__________________
(١) أبو الفتح عثمان بن جني ولد ونشأ في الموصل وسكن وتوفي ببغداد عام (٣٩٢ ه) من أكابر علماء النحو والصرف والأدب وهو من أساتذة الشريفين الرضى والمرتضى وله مؤلّفات عديدة ومنها شرح ديوان المتنبي.
(٢) في العبارة قلق.