أنه كان قد رآه وليس المراد به التحقيق في اتصال شعاع بصره بجسد النبي وأي بصر يدرك به حال نومه؟
وإنما هي معان تصورت في نفسه تخيل له فيها أمر لطف الله تعالى له به قام مقام العلم.
وليس هذا بمناف للخبر الذي روي من قوله من رآني فقد رآني. لأن معناه فكأنما رآني.
وليس بغلط في هذا المكان إلا عند من ليس له من عقله اعتبار.
تأويل آية (١)
إن سأل سائل عن قول الله عزوجل :
(وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) النبأ : ٩
فقال إذا كان السبات هو النوم فكأنه قال وجعلنا نومكم نوما فما الفائدة في هذا؟
الجواب
قلنا في هذه الآية وجوه :
منها أن السبات أحد أقسام النوم وهو النوم الممتد الطويل ولهذا يقال فيمن كثر نومه إنه مسبوت وبه سبات ولا يقال في كل نائم.
والوجه في الامتنان علينا بأن جعل نومنا ممتدا طويلا ظاهر.
وهو لما لنا في ذلك من المنفعة بالراحة لأن التهويم والنوم الغرار لا يكسبنا شيئا من الراحة بل يصحبهما في الأكثر الانزعاج والقلق والهموم التي هي تقلل النوم ورخاء البال وفراغ القلب يكون معهما كثرته وامتداده.
ومنها أن يكون المراد بذلك أنا جعلنا نومكم سباتا ليس موتا لأن النائم قد يفقد من علومه وقصوده وأحواله فيسمى بالسبت للفراغ الذي كان فيه ولأن الله تعالى أمر بني إسرائيل بالاستراحة من الأعمال.
__________________
(١) انظر الكلام على هذه الآية في أمالي الشريف المرتضى ج ١ صلى الله عليه وسلم ٣٣٧ ـ ٣٤٣.