فإن كان يقدر فصاحبه يجوز عليه الجهل ومن جاز عليه الجهل فليس بإله قديم.
وإن كان لا يقدر فهو نفسه عاجز والعاجز ليس بإله قديم. (١)
دليل آخر :
ومما يدل على أن صانع العالم واحد أنه لو كان معه ثان كان لا يخلو أمرهما في فعلهما للعالم من أحد وجهين:
إما أن أمرهما في فعلهما للعالم من أحد وجهين :
أما أن كل واحد منهما فعل جميعه حتى يكون الذي فعله أحدهما هو الذي فعله صاحبه.
أو يكون كل واحد منهما انفرد ببعض منه.
وفي الوجه الأول إيجاب فعل واحد من فاعلين وهذا يبطل في فصل (٢).
وفي الوجه الثاني إيجاب تميز فعل كل واحد منهما عن فعل الآخر لأن القادر الحكيم إذا فعل فعلا حسنا لم يجز إلا ليجعله دالا عليه وموسوما به ومميزا عن فعل غيره لا سيما إذا كان داعيا إلى شكر نعمته وموجبا لمعرفته ولا طريق لأحد إلى معرفته إلا بفعله.
فلما لم يكن فعل ما شاهدناه من السماء والأرض وغيرهما مما يدل على أن بعضه لواحد وبعضه لآخر وإنما يدل على أن له فاعلا فقط علمنا أن الفاعل له واحد وهو الله تعالى ذكره.
فإن قيل فإنا نجد العالم على قسمين جواهر وأعراض وكل واحد من الجنسين مميز عن الآخر فألا دل هذا على الصانعين؟
قلنا لو كان صانع الجواهر غير صانع الأعراض لكانا محتاجين بل
__________________
(١) عرض الصدوق في كتاب التوحيد لهذا الدليل صلى الله عليه وسلم ٢٧٧ باختلاف يسير.
(٢) هكذا في النسخة والعبارة غير تامّة والأرجح أن هناك جملة ساقطة قد تكون هكذا : وهذا يبطل كونه فعله.