جميعهم الكتب بغير إسناد معين كما فعلوا في إيراد الوقائع الظاهرة والحوادث الكائنة التي لا يحتاج في العلم بها إلى سماع الأسانيد المتصلة.
ألا ترى إلى وقعة بدر وحنين وحرب الجمل وصفين كيف لا يفتقر في العلم بصحة شيء من ذلك إلى سماع أسناد ولا اعتبار أسماء الرجال لظهوره المغني وانتشاره الكافي ونقل الناس له قرنا بعد قرن بغير إسناد حتى عمت المعرفة به واشترك الكل في ذكره.
وقد جرى خبر يوم الغدير هذا المجرى واختلط في الذكر والنقل بما وصفنا فلا حجة في صحته أوضح من هذا.
ومن ذلك أنه قد ورد أيضا بالأسانيد المتصلة ورواه أصحاب الحديثين (١) من الخاصة والعامة من طرق في الروايات كثيرة فقد اجتمع فيه الحالان وحصل له البيان.
ومن ذلك أن كافة العلماء قد تلقوه بالقبول وتناولوه بالتسليم فمن شيعي يحتج به في صحة النص بالإمامة ومن ناصبي يتأوله ويجعله دليلا على فضيلة ومنزلة جليلة.
ولم نر للمخالفين قولا مجردا في إبطاله ولا وجدناهم قبل تأويله قد قدموا كلاما في دفعه وإنكاره.
فيكون ذلك جاريا مجرى تأويل أخباره المشتبهة ورواياتها بعد الإبانة عن بطلانها وفسادها بل ابتدءوا بتأويله ابتداء من لا يجد حيلة في دفعه وتوفره على تخريج الوجوه له لتوفر من قد لزمه الإقرار به.
وقد كان إنكاره أروح لهم لو قدروا عليه وجحده أسهل عليهم لو وجدوا سبيلا إليه.
__________________
(١) الأولى : أصحاب الحديث.