المآخذ العربية ، وهذا لا يمكن فيه التوقيف. وإلا لزم ذلك في السلف الأولين. وهو باطل. فاللازم عنه مثله. بالجملة فهو أوضح من إطناب فيه.
وأما الرأي غير الجاري على موافقة العربية أو الجاري على الأدلة الشرعية ، فهذا هو الرأي المذموم من غير إشكال. كما كان مذموما في القياس أيضا. لأنه تقوّل على الله بغير برهان. فيرجع إلى الكذب على الله تعالى. وفي هذا القسم جاء من التشديد في القول بالرأي في القرآن ما جاء. كما روي عن ابن مسعود : ستجدون أقواما يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم. فعليكم بالعلم. وإياكم التبدع. وإياكم والتنطع. وعليكم بالعتيق. وعن عمر بن الخطاب : إنما أخاف عليكم رجلين : رجل يتأول القرآن على غير تأويله ، ورجل ينافس الملك على أخيه. وعن عمر أيضا : ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه إيمانه. ولا من فاسق بيّن فسقه ، ولكني أخاف عليها رجلا قد قرأ القرآن حتى أذلقه بلسانه ثم تأوله على غير تأويله. والذي ذكر عن أبي بكر الصديق أنه سئل عن قوله : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) فقال : أيّ سماء تظلني .. الحديث. وسأل رجل ابن عباس عن يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ فقال له ابن عباس : فما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ فقال الرجل : إنما سألتك لتحدثني. فقال ابن عباس : هما يومان ذكرهما الله في كتابه ، الله أعلم بهما. نكره أن نقول في كتاب الله ما لا نعلم. وعن سعيد بن المسيّب أنه كان إذا سئل عن شيء من القرآن قال : أنا لا أقول في القرآن شيئا. وسأله رجل عن آية؟ فقال : لا تسألني عن القرآن وسل عنه من يزعم أنه لا يخفى عليه شيء منه (يعني عكرمة).
وكأن هذا الكلام مشعر بالإنكار على من يزعم ذلك.
وقال ابن سيرين : سألت عبيدة عن شيء من القرآن؟ فقال : اتق الله وعليك بالسداد. فقد ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن.
وعن مسروق قال : اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله.
وعن إبراهيم قال : كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه.
وعن هشام بن عروة قال : ما سمعت أبي تأول آية من كتاب الله.
وإنما هذا كله توقّ وتحرز أن يقع الناظر فيه في الرأي المذموم والقول فيه من غير تثبت.
وقد نقل عن الأصمعيّ ، وجلالته في معرفة كلام العرب معلومة. أنه لم يفسر