بالزجر والحد والضمان. وهو في القرآن والسنة. وحفظ العقل يتناول ما لا يفسده. وهو في القرآن. ومكمله شرعية الحدّ أو الزجر. وليس في القرآن له أصل على الخصوص. فلم يكن له في السنة حكم على الخصوص أيضا. فبقي الحكم فيه إلى اجتهاد الأمة. وإن ألحق بالضروريات حفظ العرض فله في الكتاب أصل شرحته السنة في اللعان والقذف.
هذا وجه في الاعتبار في الضروريات.
وإذا نظرت إلى الحاجيات اطرد النظر أيضا فيها على ذلك الترتيب أو نحوه. فإن الحاجيات دائرة على الضروريات. وكذلك التحسينيات. وقد كملت قواعد الشريعة في القرآن وفي السنة. فلم يتخلف عنهما شيء. والاستقراء يبيّن ذلك ويسهل على من هو عالم بالكتاب والسنة. ولما كان السلف الصالح كذلك ، قالوا به ونصّوا عليه. حسبما تقدم عن بعضهم فيه. ومن تشوف إلى مزيد فإن دوران الحاجيات على التوسعة والتيسير ورفع الحرج والرفق. فبالنسبة إلى الدين يظهر في مواضع شرعية الرخص في الطهارة كالتيمم ورفع حكم النجاسة فيما إذا عسر إزالتها ، وفي الصلاة بالقصر ورفع القضاء في الإغماء والجمع والصلاة قاعدا وعلى جنب. وفي الصوم بالفطر في السفر والمرض. وكذلك سائر العبادات. فالقرآن إن نص على بعض التفاصيل كالتيمم والقصر والفطر فذاك. وإلا فالنصوص على رفع الحرج فيه كافية. وللمجتهد إجراء القاعدة والترخص بحسبها. والسنة أول قائم بذلك. وبالنسبة إلى النفس أيضا فظهر في مواضع منها مواضع الرخص كالميتة للمضطر ، وشرعية المواساة بالزكاة وغيرها ، وإباحة الصيد ، وإن لم يتأت فيه من إراقة الدم المحرم ما يتأتى بالذكاة الأصلية ، وفي التناسل من العقد على البضع من غير تسمية صداق وإجازة بعض الجهالات فيه بناء على ترك المشاحّة ، كما في البيوع. وجعل الطلاق ثلاثا دون ما هو أكثر. وإباحة الطلاق من أصله والخلع وأشباه ذلك. وبالنسبة إلى المال أيضا في الترخيص في الغرر اليسير والجهالة التي لا انفكاك عنها في الغالب ورخصة السلم والعرايا والقرض والشفعة والقراض والمساقاة ونحوها. ومنه التوسعة في ادخار الأموال وإمساك ما هو فوق الحاجة منها. والتمتع بالطيبات من الحلال على جهة القصد. من غير إسراف ولا إقتار. وبالنسبة إلى العقل في رفع الحرج عن المكره وعن المضطر ، على قول من قال به ، في الخوف على النفس عند الجوع والعطش والمرض وما أشبه ذلك. كل ذلك داخل تحت قاعدة رفع الحرج لأن أكثره اجتهاديّ.