المعاصرة ، وأن يخرج من هذا ظافرا مظفرا ، وبانيا لصرح المدرسة الإسلامية العتيدة ، والمستمدة من منابع الإسلام الأصيلة والمتصلة بوحي السماء ولطف الله بهذا الإنسان.
هذه نبذة مختصرة عن معالم مدرسة هذا الفقيه المرجع ، والفيلسوف ، والعارف الرباني ، والمجاهد الشهيد ، هذه المدرسة التي أسسها وأشادها لبنة لبنة ، بفكره ، ونماها مرحلة مرحلة بجهوده العلمية المتواصلة ، وهي بمجموعها تعبر عن البعد العلمي الذي هو أحد أبعاد هذه الشخصية العظيمة الفريدة في تاريخنا المعاصر.
أمّا أنا يا سيدي ، يتيمك ، فإن وجداني يعجز عن استيعاب كل أبعاد شخصيتك ، وقد لا يجوز لأمثالي الغوص في محيطك اللجي ، وإنما مثلي يتعلم السباحة على شاطئ بحرك ، وإن قلمي لعاجز كالأطفال عن رسم مناقبك وفضائلك القدسية. وإنما مثلي معها كمن يتلمس السحاب البعيدة الثقال ، وعذري في ذلك يا سيدي قصور في ذهني أن يوفيك بعض خصائصك وخصالك ، ومحدودية في طاقتي أن أبلغ بعض شموخك ، ويقيني يا سيدي أنك :
ستبقى القمة الشامخة ، التي يتقزّم إلى جانبها أدعياء الحضارة والكلمة.
وستبقى النبع الخالد الثرّ الذي يمد الحضارة والفكر بما يلزم.
وستبقى الصدر والمصدر في توجيه طلائع الفكر والحركة الإسلامية.
هكذا وأكثر من ذلك ، سيبقى فكرك ومنهجك متجذرا في وجدان طلابك وأيتامك ، يتحدّى الفكر ، والحضارة ، والكلمة ، والزمن.
فعذرا إليك سيدي إن اقتصرت على جانب واحد من جوانب عظمتك ، ذلك لأنني عشت معه ردحا من الزمن ، وعرفته معرفة مباشرة ، وتغذيت من ينبوعه الثرّ ما وسعني التزود العلمي والفكري والروحي.
وأين مني يا سيدي بلوغ الجوانب الأخرى من حياتك المباركة ، وجهادك المقدّس ، وتقواك العلوية ، وزهدك في دنياك ، واستعدادك للتضحية في سبيل