٣ ـ الإبداع والتجديد :
إن حركة العلوم والمعارف البشرية وتطورها ، ترتكز على ظاهرة التجديد والإبداع التي تمتاز بها أفكار العلماء والمحققين في كل حقول المعرفة ، وقد كان سيدنا الشهيد (قده) يتمتع في هذا المجال بقدرة فائقة على التجديد والتطوير فيما كان يتناوله من أبحاث علمية ونظرية ، سواء على صعيد المعطيات ، أو في الطريقة والاستنتاج.
ولقد كان من ثمرات هذه الخصيصة أنه استطاع أن يفتح آفاقا للمعرفة الإسلامية لم تكن مطروقة قبله ، بل كان هو رائدها الأول ، وفاتح أبوابها ، ومؤسس مناهجها ، وواضع معالمها وخطوطها العريضة ، ومن ثمّ ستبقى المدرسة الإسلامية مدينة لهذه الشخصية العملاقة في شتّى فنون المعرفة الإسلامية والإنسانية ، لا سيّما في بحوث الفلسفة والاستقراء ، ومنطق الاستقراء واليقين الرياضي ، وبحوث الاقتصاد ، والتاريخ السياسي ، في صدر الدولة الإسلامية.
٤ ـ المنهجية والتنسيق :
ومن خصائص فكر سيدنا الشهيد (قده) منهجيته الفنية الفريدة والمتماسكة في جميع بحوثه التي تناولها بالدرس والتنقيح. ومن هنا نجد أن طرحه للبحوث الأصولية والفقهية يمتاز عن كافة ما جاء في دراسات وبحوث المحققين السابقين عليه ، من حيث المنهجة والترتيب الفني للبحث ، فتراه يفرز الجهات والجوانب المتداخلة والمتشابكة في كلمات الآخرين ، خصوصا في المسائل المعقّدة التي تعصى على الفهم ، ويكثر فيها الالتباس والخلط ، ويوضح الفكرة ، وينظمها ويحللها بشكل موضوعي وعلمي ، حتى تضحي من الواضحات ، حيث لا يجد الباحث المختص نظيره في بحوث الآخرين.
وكان مما يميزه بجلاء الدقة في طريقة الاستدلال في كل موضوع ، حيث كان يعتمد إلى جانب البرهان بالاستقراء والوجدان ، ولم يكن يكتفي ويقتصر على دعوى وجدانية المدّعى المطلوب إثباته فحسب ، وإنما كان يستعين بتحريك