في معنى ذلك أقوال للمفسرين :
الأول : أن المعنى نظر إلى الكواكب ، وقد قيل : إنه نظر ابتداء في النجوم لما جن عليه الليل فرأى كوكبا ، فلما أفل ورأى صفة الحدوث علم أنه ليس بإله ، فقال : (إِنِّي سَقِيمٌ) ، أي : لست على يقين من الأمر ، وشفاء من العلم ، وكان ذلك ابتداء حال التكليف ، فلما استدل وعلم الحق قال : (أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) ورجح هذا الحاكم ؛ لأن ذلك حقيقة الكلام ، ولأنه لم يرو أنه كان منجما فيقال : نظر في علم النجوم ، ولأن المنجم يظن فيما يقول والنبي يقطع.
وقيل : نظر في علم النجوم ، أو في كتابها ، أو في أحكامها.
وعن بعض الملوك أنه سئل عن مشتهاه فقال : حبيب انظر إليه ، ومحتاج انظر له ، وكتاب انظر فيه ، فأوهمهم أنه استدل بأمارات في علم النجوم على أنه سقيم ، فقال : (إِنِّي سَقِيمٌ) أي مشارف للسقم وهو الطاعون ، وكان أغلب الأسقام عليهم ، وكانوا يخافون العدوى.
قال ذلك لينفروا منه ، فهربوا إلى عيدهم ، وتركوه في بيت الأصنام ، وليس معه أحد ، ففعل ما فعل من رأيه.
وقيل : نظر إلى النجوم راميا بنظره إلى السماء ، يتفكر في نفسه كيف يحال.
قال في عين المعاني : وقيل معنى (فِي النُّجُومِ) أي : فيما ينجم من رأيه. وقيل نظر راميا ببصره إلى السماء يتفكر في نفسه كيف يحتال. هكذا ذكر في الكشاف.
وقيل : النجوم النبات في الأرض ، وقيل : أراهم أنه ينظر لاعتقادهم في النجوم.
قال : وقيل : علم النجوم كان مستقرا إلى أن دخل على عيسى عليه