وروي أن الحجاج أتى بأسير فقاول ابن عمر في قتله ، فقال : ما بهذا أمر الله تعالى ، يعني في قوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً).
وقال الأكثر : إنه يجوز قتل الأسير ، وإن هذا المفهوم منسوخ بقوله تعالى في سورة براءة : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٥] وبقوله تعالى في سورة الأنفال : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) [الأنفال : ٥٧] وهذا مروي عن قتادة والسدي ، وابن جريج ، وادعى أبو جعفر الإجماع على جواز قتل الأسير ، وجوز القتل أبو طالب ، وذلك قول أحمد والشافعي ، واختاره في الانتصار ، وقد قتل صلىاللهعليهوآلهوسلم أسيرين من أسرى بدر في الطريق وهما : عقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ،
وظاهر كلام الهادي عليهالسلام المنع من قتل الأسير إلا بشرطين :
أحدهما : أن يظهر منه كيد بعد أسره.
الثاني : أن تكون الحرب قائمة ، وهذا إذا لم يقتل أحدا ، فإن كان قد قتل قتل.
الثمرة الخامسة : جواز إطلاقه ومفاداته بمال أو بأسير للمسلمين ، وظاهر هذه الآية جواز ذلك ، وقد منّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على أبي غرة الجمحي في أسره المرة الأولى ، وقتله في أسره المرة الثانية ، ومنّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على أبي العاص بن الربيع.
وأما المفاداة بمال أو بأسير فيجوز ذلك لظاهر الآية ، وقد فادى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أسيرا من بني عقيل برجلين من المسلمين ، وهذا هو قول عامة أهل البيت ، ومالك ، والشافعي ، ذكره في (شرح الإبانة) ، وهو ظاهر قول الأخوين ، ومروي عن أبي يوسف ، ومحمد ، وتكون هذه الآية ناسخة لما في الأنفال في قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) [الأنفال : ٦٧].