رضي الله عنه ـ كان يخدم رجلين من الصحابة ويسوي لهما طعامهما فنام عن شأنه يوما فبعثاه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يبغي لهما إداما ، وكان أسامة على طعام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ما عندي شيء فأخبرهما سلمان بذلك فقالا : لو أرسلناه إلى بئر سمحة لغار ماؤها ، وهي بئر من بؤر مكة (١) ، فلما راحا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما» فقالا : ما تناولنا لحما ، فقال : «إنكما قد اغتبتما».
ثمرة هذه الآية أن الله تعالى حرم بها السخرية بالمؤمنين ، واللمز بهم والتنابز بالألقاب ، وظن السوء ، والتجسس والغيبة.
أما السخرية فهي والاستهزاء نظيران ، وفي قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) إشارة إلى أن هذا النهي لمن يجوّز أنه مرضي عند الله لا إذا ظهر عصيانه ، والمعنى : لا يسخر أحد لرثاثة حالة أو لعيب في خلقة ، فلعله عند الله أخلص ضميرا وأتقى قلبا فتكونوا قد استهزأتم بمن عظمه الله. وقيل : المعنى خشية أن تكونوا على حال أشر من حاله.
قال جار الله ـ رحمهالله ـ : ولقد بلغ من توقي السلف وتصونهم من ذلك أنه قال عمرو بن شرحبيل : لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه خشيت أن أصنع مثل الذي صنعه.
وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : البلاء موكل بالقول ، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبا.
وأما اللمز فهو الطعن باللسان ، وهو بمعنى الهمس ، ولهذا ورد قول الشاعر :
تدلي بود إذا لاقيتني ملقا |
|
وإن أغب كنت أنت الهامز اللمزة |
وقيل : الهمزة بالقول والإشارة ، واللمز بالقول.
__________________
(١) صوابه : من بؤر المدينة (ح / ص).