ثمرات الآية : وجوب المعاونة على الطاعة ، وأن المسجد أو مجالس الوعظ والعلم يجب فيها المواساة ، وأن لا يأخذ من المكان إلا ما يكفيه مع الانضمام وعدم التوسع ، ويلزم أن من كان في المسجد وضيق على مصل آخر لا تجزيه صلاته على أصول الأئمة عليهمالسلام ؛ لأن وقوفه على هذه الصفة معصية ، وهو مأمور بخلاف ما هو عليه ، وتدل الآية على حسن الرغبة إلى الجهاد ، وطلب الشهادة ، وعلى حسن المبادرة إلى الطاعات ، وإجابة الدعاء إلى الشهادة ، وعلى الترغيب في أدب طالب العلم ، وأن لا يجرض (١) العالم بسؤاله ، ولا يكثر عليه على وجه يضجره.
وفي قوله تعالى : (فَافْسَحُوا) أمر بالمواساة ، وفي قوله تعالى : (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) ترغيب عظيم لأنه تعالى قال : (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) ، وهذا مطلق في كل ما ينبغي الفسحة فيه من المكان ، والرزق ، والصدر ، والقبر ، وغير ذلك ، هكذا ذكر جار الله.
وقوله تعالى : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) ترغيب ثان أنه تعالى وعد الرفعة بامتثال أوامر الله وأوامر رسوله (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي : ويرفع العالمين منهم خاصة (دَرَجاتٍ) قيل : أراد في الجنة ، وقيل : في المجالس ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى» وهذا حكم شرعي أن المؤمنين وأهل العلم يقدمون في مواضع التقديم ، وتميز درجتهم ، وفي ذلك ترغيب في طلب العلم ، وقد روي عن ابن عباس في تفسيرها «أن المراد والذين أوتوا العلم درجات فوق الذين آمنوا».
قال في الكشاف : وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه كان إذا قرأها قال : يا أيها الناس افهموا هذه الآية ، ولترغبكم في العلم.
__________________
(١) أي : يضجره ـ ولعلّه كذلك ـ والجرض بالتحريك أن يبلغ روحه من التعب ومنه قولهم : حال الجريض دون القريض.