وقوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ)
قيل : المعنى اعتبروا بما دبر الله من إخراجهم بغير قتال.
وقيل : وعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المسلمين أن يورثهم أرضهم وأموالهم بغير قتال ، فاستدلوا على صدقه.
ولهذه الجملة ثمرات :
منها : أن للإمام نظره في الصلح ، كما صالح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ابتداء ، ثم نظره في المن على من أراد ، وترك ما أراد من الأموال حسب المصلحة ، كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عند خروجهم.
ومنها : أن الواجب أن يجلوا من جزيرة العرب إلا لمصلحة.
قال الحاكم : وما فعله عمر من إجلائهم من جزيرة العرب هو الذي يقتضيه الشرع من الكتاب والسنة ، فقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان» وقد فسر قوله : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) أي : حشرهم وجمعهم إلى الشام ، وآخره ما فعله عمر من إخراج من بقي ، وفي الحديث كان آخر كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اخرجوهم من جزيرة العرب» فإن خيف مفسدة جاز إبقاؤهم كما أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل نجران لما هموا بالانتقال إلى دار الحرب.
وقد قال الإمام يحيى بن حمزة في الانتصار : إن مكن الله تعالى أخرجناهم من جزيرة العرب.
ومنها جواز تخريب حصونهم وأراضيهم.
قال في الكشاف : واتفق العلماء أن حصون الكفرة وديارهم لا بأس أن تهدم وتحرق ، وتغرق وترمى بالمجانيق.
ومنها ما ذكر أبو العباس بن شريح أن قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا) دليل على صحة القياس.
قال الحاكم : إلا أن ما تقدم وما تأخر لا يليق بذلك.