وقيل : نزلت في أقوام كانوا يقولون : جاهدنا وقاتلنا ، وأنفقنا وابتلينا ، وفعلنا ولم يفعلوا ، وهم في ذلك كذبة ، عن قتادة ، والأصم.
وقيل : كان رجل آذى المسلمين يوم بدر فقتله صهيب فقال رجل : أنا قتلت فلانا ، ففرح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال عمر وعبد الرحمن بن عوف : يا رسول الله إنما قتله صهيب ، فنزلت الآية عن سعيد بن المسيب.
وقيل : في قوم قالوا : لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لبذلنا فيها أنفسنا وأموالنا ، فأمروا بالجهاد فولوا يوم أحد.
وقيل : أخبروا بثواب الشهداء فقالوا : إن لقينا قتال لنفرغنّ فيه وسعنا ففروا يوم أحد.
وقيل : في المنافقين وسماهم مؤمنين توبيخا وتهكما.
وثمرة الآية : قبح من يقول : ولا يفعل ولكن قد يقبح ويستحق الذنب وهو إن كان عازما ألا يفعل ، وقد يقبح ولا يستحق الذم ، وذلك إذا كان عازما ، وإنما قبح لأنه كذب ، إما في الماضي وإما في المستقبل.
قال أبو علي : ويخرج عن القبح بأن يقول : إن شاء الله ، وقد جاء في الحديث عنه عليهالسلام خير المقال ما صدقه الفعال ، ويدخل في هذا حسن الوفاء بالوعد ، ونحو ذلك ، وقد قال الله تعالى في شأنه على إسماعيل صلىاللهعليهوسلم : (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) [مريم : ٥٤] وفي ذكر من اقتدى بأنبيائه ، ولا حظ امتثال أمر الله ترغيب إلى الخير.
حدثني القاضي الفاضل عبد الله بن عواض [الأسدي] ـ رحمهالله ـ ، عن شيخه الأفضل العالم جمال الدين علي بن يحيى الوشلي ـ رحمهالله ـ أنه وعد رجلا أن يكري منه حانوتا لمسجد دبة بصعدة بقدر معلوم ، فجاء رجل آخر وبذل زيادة على ذلك القدر فأكرى من الأولى بالزيادة ، وكان يؤدي الزيادة من نفسه ليفي بما وعد ، ويخرج عن عهدة الوفاء بحق المسجد.