(بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ) لأن الحامل للأسفار يتعب بحملها ، فإذا لم ينتفع بما حمل فليس له إلا المشقة والتعب ، والأسفار الكتب ، شعرا :
زوامل للأسفار لا علم عندهم |
|
بجيّدها إلا كعلم الأباعر |
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا |
|
لحاجته أو راح ما في الغرائر |
قوله تعالى
(قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) [الجمعة : ٦ ، ٧]
النزول
قيل : لما قالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه ، ولنا الجنة دون الناس نزلت هذه الآية.
وثمرتها : أن تمني الموت ممن عرف أنه من أولياء الله جائز.
فإن قيل : فقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان ولا بد قال : اللهم أمتني إن كان الممات خيرا لي ، وأحيني إن كانت الحياة خيرا لي»؟
جواب هذا أنه نهى عن تمني الموت لأجل ما يصيبه من البلوى ، وفي الصبر زيادة في الأجر والثواب ، وهو يفضل في هذه المسألة ، ويقال : إنه إن عرف أنه ولي الله ففي الآية دلالة على جواز ذلك ، ولكن هذا لا يحصل إلا ممن دل الدليل على عصمته ، ولم يعرف من أحد من أنبياء الله تمنيه ؛ لأنه لا يكون دعاؤهم إلا بإذن من الله تعالى ؛ لأنه تعالى أمرهم بالصبر على دعاء الخلق ، فإن لم يعرف عصمته ، فإن خشي الفتنة في دينه جاز ، وقد كان سفيان الثوري يتمنى الموت.