إن الله يعلم أصغر الأشياء في أخفى الأمكنة ؛ لأن الحبة في الصخرة أخفى منها في الماء.
قوله تعالى : (يا بُنَيَ) هذا تصغير ترحم وشفقة ، فينبغي للواعظ أن يكون حاله حالة الشفيق المستنقذ لصاحبه من الهلكة فيأتي بالقول اللين.
قال في الحاكم : لما سمع هذا الوعظ من أبيه انشقت مرارته من الخوف ومات.
وقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ).
هذه أربعة أشياء مأمور بها وهي واجبة ، وإن كان في بعض ذلك إجمال كالأمر بالصلاة ، وبيانه من جهة السنة ، والمعروف وسمي بذلك ؛ لأن العقل يعرف حسنه والمنكر ما ينكره العبد ، وقوله تعالى : «واصبر على ما أصابك» يعني من الأمور التي أوجبها الله تعالى عليك.
وقيل : ذلك عام في جميع الشدائد.
وقوله تعالى : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) وقرئ (ولا تصاعر خدك للناس) يعني : لا تتكبر فتحقر الناس ، وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك ، عن ابن عباس.
وقد قيل : هذا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لأن الآمر والناهي إذا تكبرا نفرا عنه ، وإذا حسن خلقه قبل منه.
وقيل : هو الذي إذا سلم عليه لوى عنقه ، والصعر داء يصيب البعير يلوي عنقه ، وهذا مروي عن عكرمة.
وقيل : الذي يكون بينهم أحسن ، فإذا لقيت أحدهم أعرضت عنه عن مجاهد.
وقيل : لا تحتقر الفقير ، بل يكن عندك كالغني ، وهذا مروي عن قتادة ، والربيع.