الوجه الثالث : أن في رواية المؤيد بالله في الأمالي في ركعتي الفرقان أنه يقول في السجود : سبحان ربي الأعلى ، وقد ذكر بعض المفرعين أن الهدوي إن سبح بتسبيح المؤيد بالله لم يسجد للسهو ؛ لأن ذلك قد ورد في الأثر ، وأشار إليه في تعليل الشرح ، وأن المؤيدي إن سبح بتسبيح الهدوي سجد للسهو.
قوله تعالى : (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى)
قال العلماء ـ رضي الله عنهم ـ : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مأمور بالتبليغ والتذكير ، نفعت الموعظة أم لا ؛ لأن في ذلك ازاحة للعلة ،
فيقال : لم شرط هنا إن تنفع الذكرى؟ وأجيب بوجوه :
الأول : ذكره الزمخشري أن هذا بعد أن بلغ واستفرغ مجهوده في تذكيرهم ، وما ازدادوا إلا عتوا فتحسر صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك ، فقيل له بعد ذلك تسلية له ، وتهوينا عليه : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) [ق : ٤٥] (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ) [الزخرف : ٨٩] ، (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى).
الجواب الثاني : ذكره جار الله وغيره : أن هذا ذم لهم كما يقال للواعظ : عظ المكاسين إن سمعوا منك استبعادا لذلك ، وأنه لن يكون.
وقيل : إن ذلك ليس بشرط ، وإنما هو إخبار بأنه ينفع لا محالة ، وأنه بمعنى إذ.
وقيل : ذلك حث على القبول ، كما يقول الناصح لغيره : قد نصحت لك إن قبلت. وعن أبي مسلم : إن رجوت.
وأما غير الرسول فلا يجب التذكير والوعظ ، إلا إذا ظن أو جوز التأثير لا إذا عرف بعلم أو ظن أنه لا يؤثر.
قوله تعالى :
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) [الأعلى : ١٤ ـ ١٥].