وقيل : أراد بالسائل طالب العلم لا تنهره ، عن الحسن.
وقيل : وأما السائل عني فدله عليّ. قال أبو علي : المراد جميع المكلفين ، وإن كان الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والثالث : ما يتعلق بقوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
قال جار الله ـ رحمهالله ـ : والتحدث بنعمة الله شكرها ، وإشاعتها ، والمراد ما ذكره الله تعالى من نعمة الإيواء ، والهداية ، والإغناء ، وذكر الأصم أنه كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يختم مجالسه ويقول : كنت يتيما فآواني الله ، وكنت ضالا فهداني الله ، وكنت فقيرا عائلا فأغناني الله ، وتأول الآية على ذلك.
وفي الحديث عنه عليهالسلام : «التحدث بالنعم شكر».
وعن مجاهد : أراد بالقرآن ، أي : حدث به ، معناه تقرئه ، وكان الحسن بن علي يقول : إذا علمت خيرا فحدث به إخوانك.
وأما التحدث بما فعل من الطاعات فقد ذكرناه فيما تقدم.
قال في الكشاف : وعن عبد الله بن غالب أنه كان إذا اصبح يقول : رزقني الله البارحة خيرا ، قرأت كذا ، وصليت كذا ، فإذا قيل له : يا با فراس أمثلك يقول مثل هذا فيقول : قال الله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) وأنتم تقولون : لا تحدث بنعمة الله.
قال جار الله : وإنما يجوز مثل هذا إذا قصد أن يقتدي به غيره ، وأمن على نفسه الفتنة ، والستر أفضل ، ولو لم يكن فيه إلا التشبه بأهل الرياء لكفى به.
وفي قراءة علي ـ رضي الله عنه ـ (فخبر) ، فلو كتم ما أنعم الله عليه به من الرزق لغرض نحو الخوف من السرق ، أو من أن يعان ، أو من أن يحسد لا أنه منكر لنعمة الله فلا حرج في هذا ، فإن كتم خشية أن يمنع من الزكاة ولم يحصل منه كذب ولا إظهار جوع بل مجرد الإخبار فلعل ذلك جائز.