في العلانية ، قال ابن راشد في الفايق إذا رفع الشهود شهادتهم بالتزكية فمذهب المدونة إنه يقتصر على التزكية الظاهرة ، وقال مطرف وابن الماجشون : لا يقضي حتى يسأل في السر واختاره أبو الحسن اللخمي ، قال : لأن الناس يبغون أن يذكروا العلانية شيء خشية العداوة.
قوله تعالى : (بِمَنِ اتَّقى).
لم يقل : بالأتقى ليفيد عموم التعلق بحصول بمن حصل مطلق التقوى ، وفي الآية إيماء إلى الإنسان لا ينبغي له أن يظهر نفسه بين يدي إلى من هو أعلم منه.
قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى).
بمعنى أخبرني ، وتقدير المعطوف أعلمت الذي تولى ، فأخبرني عن حاله ، والهمزة للتنبيه أو للاستفهام حقيقة ، لأنه في حق الله تعالى محال ، وقيل : نعت لمصدر محذوف ، المفعول محذوف ويترجح الأول ... (١) ، لأن المصدر كونه نعتا للمفعول ، بأنه يلزم من كون المعطي قليلا كون الإعطاء قليلا ولا ينعكس ، لأنه قد يعطي الشيء الكثير في مرة واحدة ، قلت : هذا مقابل بعكسه ، لأنه يعطي الشيء القليل في مرات متعددة ، وعبر بالأكثر تشبيها بحال البهيمة التي منعتها كدا الأرض من المشي ، وأضرت بحافرها.
قوله تعالى : (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ).
أي أعند المحتمل عليه؟ وهو الذي أعطى القليل وأكد في المحتمل ، وهو الذي أخذ القليل ، أي أعلم الغيب فتيقن أن ذلك محمل عنه إثم كفره وردته ، يغني عنه وينفعه تحمله ، قال ابن فورك : والغيب هو العلم النظري الذي لم ينصب عليه دليل ، وأما العلم الضروري ، أو النظري الذي ينصب عليه دليل فليس بغيب.
قوله تعالى : (فَهُوَ يَرى).
يحتمل أن يكون علمية ، أو بصرية ، فمعنى العلمية عنده طرف الغيب وأسبابه؟ فهو يعلم الغيب ، كما علمه النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم من الوحي وغيره ، ومعنى البصرية فهو تيقن الغيب وتبصره وشاهده ، فإن قلت : هذا أمر أخروي مستقبل ليس بحاصل في الحال ، قيل : المراد التنبيه على أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله
__________________
(١) أشار المصنف في الحاشية : لازم للفعل وذاتي لدلالته الفعل على اللازم والذاتي أقوى من دلالته على الملزوم ، فإن قلت : يترجح كونه.