وسلم على ذلك ، يقينا علما مشابها لعلم من يبصره ، وينظر إليه ، أو أقوى ، لأن البصر يعرض له التخيلات والشكوك ، أبو حيان : فهو يرى جملة اسمية واقعة موقع الفعلية ، فلو عطف الفعل على الفعل لصح رفعه ونصبه على جواب الاستفهام ، السفاقسي : لا حاجة إلى ارتكاب وضع الجملة الاسمية موضع الفعلية ، بل هي معطوف على قوله عنده علم الغيب ، فهي داخلة في خبر الإنكار ، وليس المراد هنا إثبات الرؤية له انتهى ، يرد بأن الرفع على إضمار المبتدأ ، أو التقدير ، فهو يرى ، فلا فرق بين الضمير ، وعدم ذكره لأنه مراد ، وإنما قالوا : إن الفعل ، إن عطف على الجملة الاستفهامية كان ثبوتا ، وأن عطف الفعل على الفعل كان دخلا تحت الإنكار ، مثل : ما تأتينا فتحدثنا.
قوله تعالى : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ).
قال الحريري : إن هنا مظنة لأنها لأحد الشيئين ، لأنه ليس عنده علم الغيب ، لكنه أخبر بما في صحف موسى ، إما على لسان نبينا صلّى الله عليه وعلى آله وسلم إشارة أو تصريحا أو لما أمره نبينا لزمه حكم ما في شريعة موسى وغيره ، لأن من لوازم الإنكار أن يكون ذلك تبيينا لما في صحف موسى ، انتهى ، هو قولك : إذ [.....] ذو خصومة ، في أنها واقعة في غير محلها.
قوله تعالى : (مُوسى وَإِبْراهِيمَ).
قوله تعالى : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى).
ابن عطية : أتت الوازرة ، إما لأنه أراد بها النفس ، وإما لأنه أراد المبالغة وتشابه وما جرى مجراها. [٧٢ / ٣٥٢] انتهى.
فإن قلت : على أن الثناء للمبالغة ، يرد السؤال لأنه لا يلزم من عدم حمل النفس الثقيلة وزر غيرها ، عدم حمل النفس الحقيقة وزر غيرها ، قلت : هذا مشترك الإلزام في عدم المبالغة أيضا ، لأنه لا يلزم من كون النفس المتصفة بمطلق وزر عين الغير ، عدم حمل النفس التي لا وزر لها ، الوزر عن الغير ، وجوابك عنه جوابنا نحن ، والجواب عن السؤالين ، أن تقول : المفهوم في الآية مفهوم موافقة ، وهو أن حمل الوزر على قسمين : حمل تكليفي ، وحمل اختياري ، فيلزم السؤال إلا لو كان الحمل في الآية تكليفيا ، وإنما هو في الآية اختياري ، ولا شك أنه إذا كانت النفس المذمومة ذات الأوزار غير متمكنة من فعل ما تريد من حمل الوزر عن الغير ، مع حقارتها وذمها ، وكونها أهلا لذلك ، فأحرى أن لا تتمكن منه النفس الشريفة التي لا وزر لها بوجه ، ابن عطية : قال عكرمة : كان هذا الحكم في قوم إبراهيم وموسى ، وأما هذه