وجزاء سعيه ، لأن كل موجود عندنا يصح أن يرى ، فيرى ذاته وصفاتها وعملها الذي كانت تعمل في الدنيا ، وجزاؤه.
قوله تعالى : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
أن عاما في الثواب والعقاب ، فيجب تخصيصه عندنا بالمشبة ، أي إن شاء ، لأن العاصي عندنا في المشبة خلافا لمن يقول : بوجوب إنفاذ الوعيد.
قوله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى).
تقديم المجرور للاهتمام وللحصر لحصوله مع عدم تقديمه ، لأن ابن هشام في شرح الإيضاح وغيره : نصوا على أن المبتدأ لا يكون إلا أخص من الخبر ، أو مساويا له ، ويكون أعم منه بوجه ، ولذلك قالوا في قوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم" تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم" ، أن التكبير مبتدأ وتحليلها خبره ، لأنه أعم منه ، والمنتهى هنا ليس إلا الله ولا يتوهم أنه لغيره ، وهو أخص أو مساو فهو المبتدأ أو المبتدأ انحصر في الخبر ، وذكروا الخلاف في المضمرات ، هل هي كلية أو جزئية ، واختاروا أن ضمير المتكلم والمخاطب جزئيان ، قال ابن مالك : فإن أريد بالمضمر الشيوع ، أو كان الكلام يدل عليه ، فهو كلي انتهى ، وبهذا منه يصلح أن يقال : الكل مخاطب (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) ، واستعمال لفظ الرب هنا تغليبا لجانب الرحمة والإحسان.
قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى).
هذا وما بعده تفسير ، لقوله (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) ، لأن ذلك لما تضمن افتقار الجميع إليه بين أحوال المفتقرين العارضة لهم ، وهي إما خاصة كالضحك والبكاء ، وعرض عام كالموت والإحياء ، أو لازم للماهية كالخلق المخلوق ، ما دام مخلوقا وقدم الضحك تغليبا لجانب الرحمة ، ويحتمل أن يريد بالضحك والبكاء حقيقتهما ، ومطلق والحزن من باب حالة الالتزام أو هو مجاز على سبيل الاستعارة ، الزمخشري : أي خلق القوة على الضحك والبكاء انتهى ، إن قلت : هذا اعتزال بناء على مذهبه ، في أن العبد يخلق أفعاله ، وهو يوافقنا في الداعي أنه خلق الله ، قلت : عادة الشيوخ أنهم يحملون على الاعتزال ، إلا ما منع فيه ، وأما المحتمل الذي يوجهه السني على مذهبه والمعتزل على مذهبه ، فلا وهذا منه ، بل فسر الزمخشري أولى ، لأن الآية حينئذ تكون عامة تتناول ما إذا كان الإنسان غير ضاحك ولا باك ، ووجود الضحك عند التعجب ، والبكاء عند الحزن ، فتقول نحن : إنه أمر عادي خلقه الله تعالى عند ذلك لا به ، وتقول المعتزلة : إنه أمر عادي من قبل العبد وطبعه.