إما أن يكون المراد إيجاب ذلك شرعا بإيجاب إياه على نفسه لا عقلا كما فسره به الزمخشري على مذهبه ، أو إشارة إلى كمال القدرة.
قوله تعالى : (أَغْنى وَأَقْنى).
قيل : الغنى وجود والفقر عدم ، والعدم سابق على الوجود ، فلم أخر في اللفظ؟ أجيب : بأن الغنى هي الحالة التي يدعي فيها الفعل ، وأما الفقر فلم يدع أحد أنه من فعله.
قوله تعالى : (وَثَمُودَ فَما أَبْقى).
أي فما أبقى لهم باقية ، إذ كان من عطف المفردات فيعود إلى الكل ، وإن كان من الجمل فيدخله الخلاف في القيود والصفات ، إذا تعقبت جملا ، هل يرجع إلى الكل ، أو إلى الأخيرة ، وحكموا عن الحجاج أنه عبر بكونه ثقيف ، وثقيف من ثمود ، فاحتج بهذه الآية الدالة على أن ثمودا استؤصلوا ولم يبق منهم باقية ، ووجه الدليل أنه إن كان ثمود كلهم كفارا فكلهم مهلكون بمقتضى هذه الآية ، فلا عقب لهم ، وإن كان بعضهم مسلمين ، وقد أهلك الكفار وثقيف من [...] المسلمين فلا معرة عليه في كونه ثقفيّا ، فإن قلت : لم قدم عدي على ثمود على قوم نوح مع تأخرهم عليهم في الزمان ، [٧٢ / ٣٥٣] قلت : إنهم أقرب باعتبار بقاء آثارهم ، قال تعالى (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) [سورة النمل : ٥٢].
قوله تعالى : (أَظْلَمَ وَأَطْغى).
قيل : المناسب في باب العقوبة تعليق الحكم بالوصف الأعم فلما علقه هنا بالأخص ، وهو مسلما أظلم ولا يلزم من كون الاتصاف بالأخص سببا في العقوبة كون الاتصاف بالأعم لذلك لعدم المساواة ، وهل عطف الطغيان على الظلم من عطف الأخص على الأعم؟ أو العكس ، وهل الظلم تجاوز الحد إلى الغير؟ والطغيان مطلق التجاوز ، أو الظلم يصدق على تعدي الحدود ولزم الطغيان إنما يصدق فيما كثر من ذلك ، وكون قوم نوح أظلم باعتبار ابتدائهم الظلم ، لأنهم أول من كفر برسوله.
قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى).
الائتفاك قلب الإناء أعم من أن يكون من فوق إلى أسفل ، أو مع بقائه على سطح الأرض ، فقول : (أَهْوى) ، إشارة إلى أن خزائن لوط من فوق إلى أسفل ، وهو لازم لارتفاعها عن سطح الأرض بين القلب.
قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى).