فأجاب أبو جعفر بن الزبير : بأن آية آل عمران ومريم تقدمها نحو عشرون آية ذكر فيها ما يدل على الربوبية والتوحيد وهذه ليست كذلك فقولهم فيها بزيادة الضمير.
قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا).
هذا أبلغ ، من قوله تعالى في سورة مريم (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) [سورة مريم : ٣٧] لأن ما لزم الأعم لزم الأخص من باب أحرى.
قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
أورد الزمخشري : أنه تأكيد لأن إتيانها لهم بغتة يغني عنه ، ثم أجاب : بأن معنى قوله تعالى : (لا يَشْعُرُونَ) أنهم غافلين لاشتغالهم بأمور دنياهم ، ويجوز أن يأتيهم بغتة وهم يظنون.
ونقل الطيبي عن القاضي يريد به البيضاوي على عادته أنه أجاب : بأنهم قبل إتيانها لهم بغتة لا يشعرون أنها تأتيهم بغتة.
قوله تعالى : (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ).
إن أريد به عداوة الجماعة منهم للشخص الواحد كعداوة قوم فرعون لفرعون ، فالبعض صادق على الأكثر ، وإن أريد به عداوة كل فرد لخليله فلا يلزم فيه ذلك.
قوله تعالى : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ).
إن قلت : لم نفى الخوف بالاسم والحزن بالفعل؟ قلنا : قال ابن عرفة : عادتهم يجيبوا بوجهين :
أحدهما : أن سبب الخوف مستقبل ، والمستقبل ما يعقل فيه التجدد إذ هو غير واقع ، وسبب الحزن ماض والماضي واقع حادث فيعقل فيه التجدد شيئا بعد شيء وحدوث بعد حدوث وهو أنه مما يتذكره الإنسان بتجدد حزنه.
الثاني : أن الماضي متناه والأمور المستقبلة غير متناهية ، والنكرة في سياق النفي عامة فناسبت اقترانها بغير المتناهي ليكون أبلغ في النهي ، وإنما أخر النعت ، ولم يقل : يا عبادي الذين آمنوا لا خوف عليكم ، ليكون أنكى للعدو وأشد حسرة عليهم في العذاب حيث يطمع ويرجو الدخول بهم في ذلك ثم يلبس بعد ذلك ، وفي الآية التفات بالخروج من الخطاب إلى الغيبة ، إذ لم يقل : الذين آمنتم بآياتنا وكنتم مسلمين.
قوله تعالى : (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ).
قال ابن عرفة : فسروه بوجوه :