الأول : أفاد الأول التكذيب المطلق لكل ما جاءت به الرسل ، والثاني تكذيبهم لنوح عليهالسلام.
والثاني : قال الفخر : التكذيب ، والثاني كالعلة والبرهان على الأول ، كما تقول كذبت زيدا فكذبت صادقا لصدق علمه في التوبيخ والوعيد ، وكذلك قوله تعالى : (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا).
الثالث : أفاد الأول تكذيبهم للأمر بالدليل العقلي ، وأفاد الثاني تكذيبهم لما ثبت بالدليل السمعي ، لأن المحدثات كلها دالة على وجود الصانع ، وأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، ومن جملة ذلك ، بعثة الرسل فنوح عليهالسلام إنما أتى بمقتضى الدليل العقلي ، وهو أول من بعث لأهل الأرض ، فقال (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) [سورة الحج : ٤٢] ، أي كذبوا بما أثبته العقل ، ثم فقال (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) ، إشارة إلى تكذيبهم بالمعجزات الدالة على صدقه ، فكذبوا بالدليل السمعي.
السؤال الثاني : ما أفاد قوله تعالى : (قَبْلَهُمْ) [سورة الحج : ٤٢] مع أنه معلوم أن قوم نوح قبلهم ، وأجابه أنه أفاد التنبيه على مشاركتهم لهم في التكذيب والكفر.
السؤال الثالث : لما قدم الظرف على الفاعل ، والأصل (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) [سورة الحج : ٤٢] وأجاب : أنه قصد الاهتمام بما أضيف إليه الظرف ، وهو ضمير قريش ، فهو أبلغ في التخويف والإنذار.
قوله تعالى : ........ (١) المانع أنه امتزج بعضه ببعض ، لأن الأجسام عندنا لا تتداخل بوجه فهي ملاقاة.
قوله تعالى : (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ).
الأمر هنا بمعنى الثاني ، ويحتمل أن يكون ضد النهي ، لأن المحدثات إنما تتوقف على القدرة ، والإرادة والعلم خاصة بلا خلاف ، وأما توقفها على الكلام سمعا ، فقال القاضي أبو بكر الباقلاني : أنها تتوقف مع ذلك على الكلام ، لقوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس : ٨٢] ، وأنكر ذلك قوله ، فعلى قول القاضي يكون الأمر في الآية ضد النهي.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً).
__________________
(١) طمس وبياض في المخطوطة.