أقوى منهم لم تستطع أن تنزعه ، وأتت هذه القصص في معطوف بعضها على بعض ، لأن كل واحد منها لم تقترن مع الأخرى في زمان.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ).
أكدت قصة نوح بتكرار الفعل ، وهو (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) ، وقصة عاد يذكر قوله (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ، في أولها وآخرها ، وأكدت هذه بقوله تعالى : (بِالنُّذُرِ) ، وتلك لم يذكر فيها متعلق بالتكذيب ، بل جاءت مطلقة ، لأن التكذيب بالمعجزات أخف من التكذيب بالمواعظ ، والإنذارات.
قوله تعالى : (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ).
هذا بما للعلة بالأمور العادية ، وقوله تعالى : (أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) ، خاطبه عامية ، لأن الأول دعوى ، وهذه دليل عليها ، وهو أنهم استدلوا بأمرين :
أحدهما : اختصاصه بالرسالة من يفهم ، ولم يرسلوهم إليه.
والثاني : نسبتهم إليه الكذب والسرور ، مع أنه تقرر أن من صفات الله عزوجل الإرادة ، وأنه من حقيقتها الترجيح من غير مرجح ، فمن يعتقد هذا فلا يقول : أما الموجب لتخصيص هذا بصفة دون هذا الشخص الآخر ، والإضراب بل انتقال وقولهم كذاب دعوى ، ودليل مرتب على الأول أي بل [٧٢ / ٣٥٥] هو كذاب في دعواه الرسالة ، وأسر كونه وضع نفسه في غير تهيئة عندهم ومن نزل نفسه غير منزلها فهو أسر مخاصم وسجل عليهم بذكر ثلاثة أمور قبيحة ، وهي : هلا كان من غير جنسا ، ولكن كان فلم اختص دوننا ، ونحن أفضل منه فهو ترجيح بلا مرجح ، ولكن سلمنا بشريته فأكثره معتبر ، ويقع بها الترجيح ، لأن البينة ترجح بالكثرة ، ونحن أولى بهذا الترجيح ، ولأن إحياء الأكثر يحصل العلم ويضعف احتمال الكذب بخلاف خبر الواحد ، فإن قلت : لم قدم الذكر هنا ، وآخره في سورة ص ، قلت : المقصود بالإنكار في هذه كون الموحي إليه ليس يزعم لا في نفسه وفي سورة ص ، لما تضمن ما نص الله تعالى عنهم في قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ) ، مقصود إنكارهم وتكذيبه وطعنهم في نفسه أولا قد سلم الذكر.
قوله تعالى : (مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ).
لم لم يذكر المسند إليه هنا كما ذكره في قوله تعالى : (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) ، لا سيما أن جعلنا من موصولة لا استفهامية.
قوله تعالى : (فَعَقَرَ).