٣٧١] وله أن يجيب : بأن هنا يغني عنه ، وهو التصريح بكونه منكرا ، أو زورا فهو إغناء عن التعبير عن ذلك بلفظ الخطاب.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ).
عطف هذا بالواو دون الأول ، لأن الأول : جواب عن سؤال ، لأن خولة سألت عن ذلك ، وشكت أمرها إلى النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، الثاني : معطوف عليه وهو كالمبتدأ ، لأن الأولى اقتضت تحليل المظاهر ، وأن الظهار لا يوجب تحريمها ، فالتحليل سبب في الكفارة فعطف بالواو ، والآية حجة لمن يقول : إن الظهار لا يكون في الأمة ، لأن الإضافة في قوله تعالى : (مِنْ نِسائِهِمْ) ليست للملك ، وإنما هي للتشريف يقتضي الحرائر دون الإماء ، والاستحقاق كذلك ، لأن الحر إنما يستحق نكاح ، وبدليل قول مالك : إن الحرة تكون فراشا بنفس العقد عليها ، بخلاف الأمة فإنها فراش للسيد بعد عقد الزوج عليها حتى يطأها الزوج ، فقال ابن العربي : أجمعنا على أن العبد ليس من رجالنا ، في قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) [سورة البقرة : ٢٨٢] ، فكذلك الأمة لا تكون من نسائنا ، ولذا قال : من النساء لضم الحرائر والإماء.
قوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا).
قال ابن رشد في المقدمات : اختلفوا في العود الموجب للكفارة على ستة أقسام أقوال أحدهما :
إذا أراد الوطء واجتمع عليه لزمته الكفارة ، وإن مات أو طلقها ، قاله مالك في الموطأ.
الثاني : إرادته الوطء وإجماعه عليه مع استدامة العصمة ، فمتى انفرد أحدهما لم تجب الكفارة إن اجتمع على الوطء ثم قطع العصمة بطلاق ، أو موت سقطت الكفارة ، وأن كان قد عمل بعضها سقط سائرها ، وكذلك إن استدامة العصمة ، ولم يرد الوطء ولا اجتمع عليه لم تجب عليه الكفارة بل لا تجز به إن فعلها وهو غير عازم على الوطء وغير مجمع عليه ، قاله مالك في المدونة ، وعليه جماعة أصحابه ، قال ابن رشد : وهو أصح الأقاويل ، وأجراها على القياس وأبينها لظاهر القرآن ، لأنه إذا أراد الوطء وجب عليه تقديم الكفارة قبله لقوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، ما لم تنقطع العصمة ويرجع بنيته عن إرادة الوطء.