موسى عليهالسلام قد مات ، فمنعهم أهل الشام من المقام معهم مخافة أن تلحقهم عقوبتهم بعصيانهم أمر موسى عليهالسلام ، لأنهم على يقين من نزول العذاب بهم ، فأخرجوهم من أرضهم فرجعوا إلى أرض الحجاز فاستوطنوها انتهى ، وذكر ابن عطية هذا في سبب إجلاء اليهود من أرض الحجاز ، في قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ).
قوله تعالى : (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا).
المناسب أن يكون هذا خطابا خاصا بالمؤمنين ، ولا يدخل فيه النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، لأن ظنه صادق وإن كان لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى ، فظنه وفراسته صادقة.
قوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ).
الزمخشري : هلا قيل : وظنوا أن حصونهم مانعتهم ، فهو أخص من قوله (أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ) ، وأجاب : بأن في تقديم الخبر على المبتدأ دليل على فرط توهم بحصانتها ومنعتها إياهم انتهى ، أراد أن التقديم للاهتمام بوصف المنع ، وهذا نص في أن حصونهم مبتدأ ومانعتهم خبره ، واختار أبو حيان أن مانعتهم خبر أن وحصونهم فاعل به ، فإن قلت : هلا كان مانعتهم مبتدأ وحصونهم خبر ، فيجاب عنه بوجهين :
الأول : أن المبتدأ يكون أخص من الخبر ، ومانعتهم هنا أعم من الحصون لأنهم لم يحصروا المنع في الحصون ، بل ظنوا أنهم يتمتعون بها وبكثرة عددهم وعددهم وقوتهم ، كما أشار إليه الزمخشري.
الثاني : أن مانعتهم اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال ، فإضافته من مخصته على سبيل النزل ، والمراد من رسول الله.
قوله تعالى : (فَأَتاهُمُ اللهُ).
الزمخشري : وقرأ فأتاهم أي إعطائهم الهلاك انتهى ، وهذا تهكم منهم لا يوافق مذهب الزمخشري.
قوله تعالى : (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ).
عبر بلفظ القذف لحكمة متعلقة ، ولأنه يدل على شدة الرمي والإلقاء ، وهو في مقابلة قوله تعالى : في سورة الفتح (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الفتح : ٤] ، فإن قلت : قد قال تعالى (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي