الملائكة : (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) [سورة البقرة : ٣٠] ، أي نطهر أنفسنا لك ، والقدس : السطل الكبير ، لأنه يتطهر به ، ابن العربي : فظنه أولا وهو بمعنى المطهر لا الطاهر ، لأنه بمعنى من فعل متعد والطاهر من فعل غير متعد ، فهو مقدس نفسه أزلا الأمد ، قيل : معناه البريء من المعائب ، فيكون صفة نفي ، وهو الذي له الكمال في وصف أختص به ، وقيل : هو الذي لا تحدده الأوهام ولا تصوره الأبصار ، الغزالي : هو المنزه عن كل وصف يدركه حس أو يصوره خيال أو يظنه الخلق كمالا ، لأنهم نظروا إلى علمهم وقدرتهم وسمعهم وصفات كمالهم ، فوصفوه بها وقدموه عن ضدها ، مع أنه منزه عن صفات كمالهم ، إذ هو أعلى من ذلك وأكمل ، قال قلت : أقول أنه منزه عن العيوب والنقائص ، إذ لا يحسن أن يقال : ملك البلد ليس بحائك ولا حجام ، فإن نفي الوجود يكاد يوهم الوجود ، ابن العربي : مرتبة هذا القائل عظيمة ووهمه أعظم ، بل نقدس الله عن كل عيب ونقص نسبه الكفار إليه ، وقد نفى الله عن نفسه الشريك والولد والصاحبه ، وكان ذلك غاية في التوحيد ، وإنما ذاته دقيقة إنا لا ندري نحن بنفي وصفه عنه من الباطل ، لم يقل به قائل ولا نسبه إليه مبطل انتهى ، قلت : وفي البخاري في حديث الدجال وإن الله ليس بأعور ، وأما كلام فقال ابن العربي : اتفقوا على أن معناه بالنسبة إلى ذو السّلام ، كامرأة فاسق وامرأة ضامر ، واختلفوا في توجيهها ، فقيل : السّلام من العيب في ذاته ، والنقص في صفاته ، والظلم في أفعاله فهو بمعنى القدوس ، وفرق ابن الخطيب بينهما باحتمال كون القدوس إشارة إلى تنزيهه من العيوب في المستقبل ، وإلى تنزيهه عن صفات النفس ، والسّلام لتنزيهه عن أفعال النقص ، وقيل : ذو السّلام ، أي المسلم على عباده ، قال تعالى (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [سورة يس : ٥٨] ، فهو صفة معنى كالعلم والقدرة ، وهي صفات كمال ، وقيل : سلم الخلق من ظلمه ، الآمدي : أي أن السلامة به ومنه لهو صفة فعل ، وأما المؤمن قال الآمدي في إبكار الأفكار : قيل : الصدق لنفسه ورسله إما بالقول فهو صفة كلامية أو بخلق المعجزة فهو صفة فعلية ، وقيل : معناه أنه يؤمن عباده من الفزع الأكبر ، إما بأن يخلق لهم الطمأنينة من ذلك ، فيرجع إلى صفة الفعل ، وإما أن يخبرهم بالأمن من ذلك ، ويرجع إلى صفة الكلام ، وقيل : بمعناه أن الحقائق [٧٦ / ٣٧٩] منكشفة له فيرجع إلى صفة العلم ، وقيل : معناه أن القول قوله لا خلاف عليه ، فيرجع إلى صفة كلامية وسلبية ، وقيل : معناه استحالة الزوال عليه فهو صفة سلبية ، قال الغزالي : وإزالة الخوف لا تعقل إلا إذا حصل الخوف ، ولا خوف إلا عند إمكان العدم ولا مزيل العدم إلا الله تعالى ، بيانه إنما يخاف [...] الهلاك من حيث أنه لم ير بعينيه ما يؤمنه من ذلك ، وإلا قطع يخاف ألا يمتنع إلا باليد فخالف الأعضاء