السابع : العزيز الممتنع الذي لا يدرك ولا ينال الأمدين ، وقيل : هو الذي لا يخوف بالتهديد ، وقيل : الذي لا يحمد بحمد ، الغزالي : العزيز الذي يقل وجوده وتشتد الحاجة ويضعف الوصول إليه ، فكم من شيء يقل وجوده ولا يحتاج إليه فليس بعزيز ، فمجموعها خاص بالله تعالى فلذلك سمي عزيزا وتعقب عليه ابن العربي في كتاب الآمدي الأقصى تفسيره بشدة الحاجة ، وقال : أنما يدل عليه لفظه باللزوم لا بالمطابقة في بعض الوجوه ، وليس معنى الشيء كلما كان من لوازمه كلفظ البيت يفيد السقف والجدار ، والسقف مطابقة ، والبناء والنجار لزوما ، وليس كل ممتنع يشتد إليه إنما يشتد للمعدوم نظره ، ابن العربي : فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) [سورة الصافات : ١٨٠] ، فجعل العزة مربوبة ، وهي من صفات الله تعالى ، قال : أجاب عنه ابن فورك ، فقال : ليس معناه تلك العزة التي هي صفته ، وإنما معناه أنه عز عما يصفونه إنكارا على من وصفه من المشركين بالولد ، أي سبحان ربك الذي عز عما يصفونه ، ابن العربي : هذا لا يتجه من السؤال ، وإنما الجواب أن سائر الصفات قديمها ومحدثها كلها تضاف إلى الله تعالى والقديمة تضاف إليه تحقيقا ووصفا ، والمحدثة تضاف تقديرا وخلقا وملكا ، فالعلم له صفة وله خلق ، والعزة كذلك أعطى منها العبد المحدث ، فأما المتصف بالعزة القديمة الخالق المالك للمحدثة ، قال تعالى (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) [سورة فاطر : ١٠] ، أي القديمة والمخلوقة المملوكة وأما الجبار ، فقيل : العالي الذي لا ينال ، وقيل : المصلح للأمور ، وقيل : من جبره على كذا ، أي أكرم عليه زاد ابن العربي : وقيل : إنه بمعنى المتكبر ، قال : فإن قيل : فإذا فسرتموه بأنه يجبر الخلق على مراده فأنتم تجبروه وأنتم قد نفيتم ذلك عن أنفسكم ، فأجاب بوجهين :
الأول : أنه يخلق في العباد ما يكرهون ، وهم لا يقدرون على دفعه كالحركات الضرورية ولا خلاف.
الثاني : أنه إذا أراد شيئا كان وإذا أراد العبد شيئا لا يرده هو تعالى لم يكن يجبرهم على مراده ، كما نهى آدم عليهالسلام عن أكل الشجرة ، وأراده فوافقه ، قال ابن الخطيب : وسمعت أن الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني كان حاضرا في دار الصاحب إسماعيل بن عباد ، فدخل القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمداني ، وكان رئيس المعتزلة ، فقال : سبحان من تنزه عن الفحشاء ، فقال الأستاذ : سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يريد ، فقال ابن الخطيب : فإن قيل : الجبروت في الخلق مذموم فلم يمدح الله به ، فأجاب : بأن الخلق ناقصون مقهورون محجوبون تؤذيهم البقة ، وتشوشهم