الإلقاء أعم من الإيصال والحصول ، فلا يلزم منه حصول المودة ، كما وقع في هذه القصة.
قوله تعالى : (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ).
ابن عطية : بدل من تلقون ، ويجوز أن يكون في موضع خبر ابتداء ، كأنه قال : أنتم تسرون ، ويصح أن يكون فعلا مرسلا ابتدأ به القول ، والإلقاء بالمودة معهما والإسرار بها معنى زائد على الإلقاء ، فيترجح بهذا أن تسرون فعل ابتدأ به القول ، أي تفعلون ذلك وأنا أعلم ، انتهى ، أراد أنه أخص من الأول ، لأن الإسرار إلقاء وزيادة ، وجعله أبو حيان بدل اشتمال ، وتقديره أن الإلقاء متناوله ومشتمل عليه باعتبار الصادقية ، والثاني يشتمل على الأول باعتبار اللزوم ولا ضعف فيه ، لأن بدل الأحسن من الأعم ، وإنما يزادهم بدل بعض من كل. الزمخشري : النافي بالمودة إما زائدة مؤكدة للمتعدي ، وإما ثابتة على أن مفعول تلقون محذوف ، أي تلقون إليهم أخبار رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بسبب المودة ، ابن عطية : ألقيت يتعدى بحرف الجر ، فدخول الباء وزوالها سواء ونظيره ، قوله تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) [سورة طه : ٣٩] ، انتهى ، هذا كله إنما جاء من جعل المودة راجعة لموادتهم الكفار ، ولنا أن نفهمه على أن المراد تسرون إليهم الحديث بسبب المودة بينكم وبين قرابتكم الذين معهم ، لأن إسرارهم بسبب موتهم لم تقع لأن حاطبا لم تحصل منه مودة.
قوله تعالى : (سَواءَ السَّبِيلِ).
أبو حيان : مفعول به أو ظرف انتهى ، يرد كونه ظرفا بأن لا يحسن أن يقال : هل في سواء السبيل ، لأنه ظرف للرشاد لا للضلال فيه تناقض ، فإن قلت : سواء السبيل مشتمل على ظرف ضل في بعضها ، واهتدى في البعض ، لأنه مؤمن ، قلت : طريق الحق واحدة والضلال في بعضها مرتد إذا تعمد ذلك بعد هذه الآية ، أو يقال : سواء السبيل هو وسط السبيل ، فقد يضل عن الوسط ، ويبقى في ظرفها فهو بهذا المعنى ظرف.
قوله تعالى : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ).
فيه سؤال ، وهو المرتب جوابا للشرط متأخر عنه وكونهم أخذلهم ثابت سواء قاتلوهم وثقفوهم أم لا ، فكيف يصح ترتيبه عليه؟ والجواب من وجهين : متأخر عنه الأول أن المتقدم على الشرط كونهم أعداء فقط ، والمتأخر عنه لمجموع عداوتهم