التوبة من الفروع ، قلت : التوبة مذكورة في علم أصول الدين ، وليس لها في كتب الفقهاء ذكر ، وإن تكلموا في متعلقها بأن التوبة أمر اعتقادي قلبي.
قوله تعالى : (لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً).
فسره ابن عطية : بمتعلقين إما بأن يغلبهم علينا ، فيكون له فتنة وسبب ضلاله ، لأنهم يتمسكون بكفرهم ، ويقولون : إنما غلبناهم لأنا على الحق وهم على الباطل أو لتسلطهم علينا فيفتنوننا فكأنه قال : لا تجعلنا مفتونين ، انتهى ، على الأول : يكون الدعاء راجع للكفار بالذات ولنا باللزوم ، وعلى الثاني : هو دعاء لنا بالذات ، ويتناول الكفار باللزوم.
قوله تعالى : (وَاغْفِرْ لَنا).
الأول : دعاء بأمر راجع للدارين ، والثاني : خاص بالآخرة ، وعقبه ب (الْعَزِيزُ) ، لأنه مناسب لذكر الفتنة.
قوله تعالى : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ).
بدل اشتمال من لكم ، وإلا لزم أن يكون يدل كل من بعض ، لأن الذين يرجون الله واليوم الآخر أعم من ضمير لكم.
قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
وفي سورة الحديد (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) [سورة الحديد : ٢٤] ، وقرئ بإسقاط هو ، فإن قلت : الصيغ متواترة ، وقد ورد النهي عن الاختلاف في القرآن بالزيادة والنقص ، قلت : إنما ذلك حيث لم يرد ذلك اللفظ في مثل ذلك في غير الحديد سقطا وفي مثله من غيرها زائد ، فليس من ذلك المعنى وانظر ما تقدم في سورة الحديد.
قوله تعالى : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ).
الحكم على موصوف لصفة على ثلاثة أقسام : فتارة يجب في ذلك الحكم مراعاة تلك الصفة ، وتارة يستحب ، وتارة يحرم ، والآية من القسم الآخر ، لأن جعل المودة بين المؤمنين والكافرين لأجل عداوتهم حرام ، إنما المودة لأجل القرابة وكونها لأجل العداوة لا تصدر إلا من منافق.
قوله تعالى : (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي).
قال عياض في المدارك لما عرف بإسماعيل القاضي ، قال : حكى الدارقطني عنه أنه دخل عنده عبدون بن صاعد الوزير ، وكان نصرانيا ، فقام له ورحب به فرأى إنكار