الأول : أن موسى عبر بالقوم تنبيها على قبح ما فعلوه ، لأن قوم الإنسان من حزبه وأشياعه فحقهم أن ينصروه ويوالوه ، ففعلوا ضد ذلك فآذوه بخلاف قوم عيسى ، فإنهم لم يفعلوا به ذلك.
الثاني : أجاب الزمخشري : وهو أن عيسى لا ولاء له في بني إسرائيل بخلاف موسى ، فإن قلت : قد تقرر أن الولاء يرجع لموالي الأم في أربع مسائل هذه منها ، قلت : لم يجب هنا إلى الموالي بل إلى قومه ، وقد يقال : أن عيسى إنما ينسب إلى أمه ، كما في كثير من الآيات ، وكانت أمه منهم أي من قومه.
قوله تعالى : (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ).
الأقرب أنه خبر لا إنشاء ، بدليل التصديق والتكذيب والتأكيد بأن مصدقا مؤكدة ، فإن قلت : لعلها مبينة ، لأن كونه رسولا أعم من أن يثبت التوراة أو ينسخ حكمها ، قلت : هذا لا يقدح في التصديق ، لأن النسخ ليس بتكذيب للمنسوخ ، بل هو مصدق له ، لكنه واقع لدوام حكمه لأن من لوازم النسخ تصديق المنسوخ.
قوله تعالى : (لِما بَيْنَ يَدَيَ).
المراد الماضي أو الحال بخلاف قوله تعالى : (ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا) [سورة مريم : ٦٤] ، فإنه هنا للاستقبال.
قوله تعالى : (وَمُبَشِّراً).
البشارة هي الإخبار بالأمر الملائم ، وهذا ملائم لقوله تعالى : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) [سورة الأعراف : ١٥٧].
قوله تعالى : (اسْمُهُ أَحْمَدُ).
السهيلي في كتاب الإخبار والإعلام : لما قال اسمه أحمد؟ لأن الأشهر في أسمائه محمد ، والقاعدة في التعبير مدح الشيء أو البشارة به أن يعبر عنه بأشهر أسمائه لا بالخفي منها ، فأجاب بوجهين :
أحدهما : أن هذا الاسم خاص لم يسم به أحد قبله بخلاف محمد ، غيره.
الثاني : أن أحمد مأخوذ من الفاعل من حمد يحمد فهو حامد ، ومحمد مأخوذ من اسم المفعول ، لأنه من حمد محمد فهو محمود ، فحمد متأخر عن الحمد ، لأنه إنما يحمد جزاء عن حمده انتهى ، ويجاب أيضا : بأن محمدا هو اسمه في ثاني أزمنته وجوده حين سمي ، وأحمد اسمه الشرعي ، وهو المتقدم في الوجود ، لأن الله تعالى