وكان الجاري على هذا المعنى أن يقول : لم لم تفعلوا ما تقولوا لأنهم قالوا نفعل ونفعل ، والجواب من وجهين :
أحدهما : أن العتب على القول يستلزم العتب على الفعل ، لأن القول سبب في الفعل ، فإذا عتب على السبب استلزم المعتب على السبب ، ومن هذا المعنى مسألة العريش في أكرية الرواحل من المدونة وهي من اكترى دابة ليحمل عليها ، من مصر إلى فلسطين [٧٧ / ٣٨٣] [...] منها فعثرت بالعريش [.....] بالعريش ، وقال غيره : يغرم قيمته بمصر ، لأنه منها تعدى.
الجواب الثاني : أن الخطاب فيه رفق بالمؤمنين ، وذلك أن الفعل أخص من القول ولازم الأخص غير لازم الأعم ، فلا يلزم من العتب على النقل العتب على القول.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ).
ابن عطية : المحبة هنا صفة فعل ولا ترجع للإرادة إذ لا يصح أن يقع ما يخالفها ونحن نجد المقاتلين على غير هذه الصفة كثيرا انتهى ، العكس كان أولى ، لأن صفة الفعل ظاهرة فلو كان المراد به أنه ينصر الذين يقاتلون في سبيله ، للزم الخلف في الخبر ، لأنا وجدنا بعض الناس يقاتل ولا ينصر بخلاف الإرادة ، فإنها لا نطلع عليها ولا نعلمها فيمكن أن يكون المقاتل مرادا أولا ، فإن قلت : إنما مراد ابن عطية أن الإرادة يلزم وقوع متعلقها ، فلو كان المعنى أنه إفراد القتال في سبيله للزم عليه الخلف في الجنة ، لأن بعض الناس لم يقاتل في سبيله بل أكثرهم ، قلت : فرق بين القتال وبين إرادته وبين الذين يقاتلون ، فجاء معنى الآية إنما أراد من قاتل في سبيل الله فهو مراد الله ومحبوب له كقوله تعالى : (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [سورة آل عمران : ٣١] ، أي أراد ثوابه وفي كلام ابن عطية نظر من وجه آخر أيضا ، لأنه قال : أكثر الناس يقاتل ولا ينتصر ثم قال : المراد يقاتلون القتال بالجد والعزيمة ، فكل الناس أو أكثرهم إذا قاتل بجد وعزيمة ينتصر وأما قتال المنافقين فليس في سبيل الله.
قوله تعالى : (بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ).
التشبيه بالثبات وعدم الفرار كثبوت البناء وحمله المفسرين على أن معناه أن يكونوا متراصين كتراص البنيان ، وهذا لا يتصور في الحرمات.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ).
فإن قلت : لم قال موسى : (يا قَوْمِ) [سورة يونس : ٨٤] ، وقال عيسى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) فالجواب من وجهين :