قرأ نافع وأبو عمرو ، وابن عامر. وأبو بكر عن عاصم (مُتِمُّ نُورِهِ) ، بالنصب ، وقرأ الباقون بالإضافة ، وهي في معنى الانفصال ، ابن عطية : في هذا نظر انتهى ، وجه النظر أن اسم الفاعل هنا يجر عن الزمان ، لأنه مسند إلى الله تعالى ، فليس بمعنى الحال والاستقبال ولا المعنى ، وهذا نظر إلى أنه صفة معنوية ، والنصب نظر إلى ظاهر لفظ الصفة وهي في اللفظ بمعنى الماضي ، لأنه مسند إلى الله تعالى.
قوله تعالى : (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
دليل على أن الظلم بمعنى الكفر ، ولو هنا بمعنى أن لاستحالة كون نفيها إيجابا ، وإيجابها نفيا كما هو في قوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [سورة يوسف : ١٧] ، وهذا تفكر بهم ، لأن لو إنما تدخل على ما يتوهم كونه مانعا ، فلا تقل اكرم السائل ولو كان عدوك ، وكراهة الكافرين لإتمام النور ليست مانعة من إتمام النور ، فلو دخلت تهكما بهم ، فجعلها في صورة مانعة من إتمام النور ، وقوله (وَدِينِ الْحَقِّ) ، إن قلت : هذا يدل على تقدم الحق الذي إليه هذا الدين ، فيدل على أن التحسين والتقبيح مشتقان من العقل ، والحق نقيض الباطل أي ذلك المتقرر في عقولكم الذي هذا الشرعي بمقتضاه مقدرا له ومصححا ، فالجواب : أن التحسين والتقبيح قسمان فمنه ما اجمعوا على إسناده للعقل ، ومنهم اختلفوا فيه فما يرجع إلى وجود الصانع ووحدانيته ، وما يجب له وما يستحيل في حقه ، اجمعوا على إسناد الحسن فيه والقبيح إلى العقل ، لأن العقل اقتضى أن وجود الصانع ووحدانيته حسن ، وعدم قبح وما يرجع إلى غير ذلك من أمور الديانات ، فليس هذا للعقل مجال ، خلاف المعتزلة والآية من القسم الأول.
قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
ابن هشام : معطوف على تؤمنون لأنه في معنى آمنوا ولا يقدح في ذلك أن المخاطبة بتؤمنون ، المؤمنين ويبشر النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا أن يقال في تؤمنون : أنه تفسير للنجاة لا طلب ، وأن يغفر لكم جواب الاستفهام تنزيلا لسبب منزلة السبب ، لأن تخالف الفاعل لا يقدح ، يقولون : قوموا واقعدوا يا زيد ، ولأن يؤمنون لا يتعين للتفسير علمناه ولكن يحتمل أنه تفسير مع كونه أمرا ، وذلك بأن يكون معنى الكلام السابق ترجّوا (تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) كما قال (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [سورة المائدة : ٩١] ، في معنى انتهوا ، وأن يكون تفسيرا في المعنى دون الصناعة ، لأن الأمر قد يساق لإرادة المعنى الذي يحصل من المفسرة ، نقول هل أدلك على سبب نجاتك؟ آمن بالله ، كما تقول تؤمن بالله ، وحينئذ فيمتنع العطف ، لعدم