يقل : والذين كفروا يدخلهم النار تشريفا للمؤمنين وتحقيرا للكافرين وأدبا لهم ، وإن كان الكل من فعله وخلقه.
قوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ).
يحتمل أن يعم اللفظ الخير والشر ، وهو خاص بالشر ، وهو الظاهر ، ويتقرر وجه مناسبتها لما قبلها بأحد أمرين : إما بأنها تسلية للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، أي لا [...] على عدم إيمانهم ، فإن ذلك بإرادة الله تعالى وإذنه.
وإما بأنه احتراس لأنه لما تقدم أن من يؤمن بالله ويعمل صالحا ، يجازى بتكفير السيئات ، ومن يكفر بالله يجازى بدخول النار ، أوهم ترتب ذلك الجزاء على ما ذكر أن الإيمان والكفر من فعل المكلف وكسبه واختياره ، فاحترس عن هذا التوهم بأن جميع الحوادث من خير وشر من الله تعالى ، فمن أصابه هم وحزن من موت حبيب أو ذهاب مال ، فلا يهتم لذلك وليعتقد أن الله تعالى قدره وأراده وعلم وقوعه ، لأن الإذن يشمل العلم والإرادة المخصصة له والقدرة المبرزة من العدم إلى الوجود ، والآية دليل على أن الاستثناء من النفي إثبات ، لأنه ليس المقصود نفي المصيبة ، وإنما المقصود حصرها بالإذن.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ).
عقد قلبه ، إن قلت : الهداية متقدمة على الإيمان ، وسبب فيه ، فكيف رتبت عليه ، فالجواب : إما أنه مثل (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) [سورة محمد : ١٧] ، وإما بأن المراد بالإيمان مجرد التصديق ، أي ومن يصدق بوجوده الله ، يهده إلى التصديق بوحدانيته ، لأنهما بابان في علم الكلام ، فأما التصديق بالوجود غير التصديق بالوحدانية ، ولا يقال : إنه يلزم عليه الخلف في الخبر من جهة أن المشركين بالله يصدقون بوجوده ؛ لأنا نقول : المراد من يصدق بوجود الله في التصديق وحصول ذلك موجب للتصديق بالوحدانية.
قوله تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
إن قلنا : إن المعدوم لا يطلق عليه شيء ، فيكون تأكيدا ؛ لأنه مستفاد من قوله : (بِإِذْنِ اللهِ) ، لما تقدم من الإذن يشمل العلم والقدرة والإرادة ، فكل حادث الله علمه بالحوادث بين الموجودات.
قوله تعالى : (فَاحْذَرُوهُمْ).