الضمير المفعول ، إما عائد على عدو فيكون الأمر بالحذر فيمن ثبت عداوته ، أو عائد على الأزواج والأولاد ، فالأمر بالمحاذرة عام في جميعهم ، خشية أن يكون الذي وقع الركون إليه عدوا ، والآية خطاب بالذات للرجال بالتحذير من زوجاتهم وأولادهم ، ويحتمل أن يعم الخطاب الرجال والنساء ، فيكن محرما من ذات بالتحذير من أزواجهن وأولادهن.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَعْفُوا).
العفو ترك الحق بعد ثبوته عند الحاكم ، والصفح تركه بعد المطالبة به قبل ثبوته عند الحاكم ، والمغفرة ترك المطالبة به [٧٨ / ٣٨٨] من أصل فالعطف ترق ولذلك خصص الأخير بقوله تعالى : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) وفي آية أخرى (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) [سورة الكهف : ٤٦] ، فينعقد من الآيتين الشكل الثالث ، وذكر الأولاد في العداوة وفي الفتنة دليل على شكيمتهم أشد من الزوجات ، وذكر ابن عطية هنا والزمخشري من بعده ؛ لأنه متأخر عنه حديث الله أعلم بصحته عن النبي صلىاللهعليهوسلم : " أنه كان يخطب إذ دخل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما الحمرة ، فهبط ورفعهما" إلى آخره.
قوله تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
دليل على عظم الشغل بهما ، وخرج البخاري في كتاب الأنبياء عن أبي وائل عن حذيفة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : أيكم يحفظ قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الفتنة ، قال حذيفة : أنا أحفظ كما قال ، قال : هات إنك لجريء قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : فتنة الرجل في أهله وماله وجاره يكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال : ليست هذه ولكن التي تموج كموج البحر ، قال : يا أمير المؤمنين لا بأس عليك فيها أن بينك وبينها بابا مغلقا ، قال : يفتح الباب أم يكسر قال : لا بل يكسر ، قال : ذلك أحرى أن لا يغلق ، قلنا : أعلم بالباب ، قال : نعم كما أن دون غد الليلة إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط فهبنا أن تسأله من الباب وأمرنا مسروقا فسأله فقال : عمر.
قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).